رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعتبر الأحزاب من المكونات الأساسية لأي نظام ديمقراطي بحيث يمكن القول إنه لا ديمقراطية دون الأحزاب السياسية، والتي يعتبر تواجدها من المتطلبات الأساسية لإنجاح العملية الديمقراطية، ورغم أهمية الأحزاب بصفة عامة على هذا النحو، إلا أن الأحزاب تختلف من نظام إلى آخر، ومن دولة إلى أخرى وفقا لمعيارين أولهما عامل الكم أي عدد الأحزاب وهل يعبر النظام الحزبي عن تعددية مفرطة أي عدد  مبالغ فيه من الأحزاب السياسية، أم عدد معقول يعبر عن التعددية المعتدلة، وثانيهما عامل الكيف أي مدى قدرة الأحزاب على التأثير السياسي وقوتها ودرجة نضجها كمؤسسات سياسية، وقوة برامجها وقدرتها على الوصول إلى المواطنين من خلال هذه البرامج والتي تعبر عن توجهات الحزب وأفكاره وفلسفته في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية والتنمية، ويمكن تطبيق هذه العموميات على الأحزاب السياسية في مصر خلال انتخابات 2015 وذلك من خلال الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية:

أولا: طبيعة الأحزاب السياسية المصرية حيث شهدت مصر في السنوات القليلة التي أعقبت 25 يناير تزايدا هائلا في أعداد الأحزاب السياسية يقدر بأكثر من 300%، حيث ارتفع عدد الأحزاب من 24 حزبا بنهاية عهد مبارك ليصل إلى 105 أحزاب في 2015، وهي زيادة في الأحزاب من حيث الكم ربما لم تشهدها مصر من قبل، ولكن هذه الزيادة الكبيرة من حيث الكم ربما لم يصاحبها زيادة مماثلة من  حيث الكيف، بمعنى أن المواطن المصري في أغلب الأحيان مازال يجهل أغلب هذه الأحزاب فهو لا يعرف برامجها، أو نخبتها، وأحيانا لا يعرف أسماء هذه الأحزاب ذاتها، مما يعكس في حالات متكررة ضعف هذه الأحزاب وانخفاض تأثيرها من الناحية الواقعية وتراجع قدرتها على التواصل مع المواطنين وحل مشكلاتهم، وربما يجد ضعف الأحزاب تفسيره في سهولة انشاء وتكوين الأحزاب والتي أصبحت تنشأ بمجرد الإخطار، ولذلك ففي حالات متكررة تكون الأحزاب محدودة العضوية محدودة التأثير وغير قادرة على التواجد القوي والفعال في عديد من المناطق والأماكن وتكون أقرب إلى كونها أحزابا عائلية ضعيفة الموارد مما ينعكس في النهاية على قدرتها على التأثير السياسي.

ثانيا: طبيعة الانتخابات البرلمانية في 2015 من الناحية الحزبية، حيث شهدت انتخابات برلمان 2015 في مصر ظاهرة تكاد لا تكون مألوفة من قبل وهي إجراء الانتخابات دون وجود حزب حاكم أي حزب يتمتع بالأغلبية أو الأكثرية ويفسر ذلك بغياب البرلمان عن الساحة السياسية لمدة ثلاث سنوات سابقة للانتخابات وهي ظاهرة تكاد تكون غير متكررة، إضافة إلى نشأة العديد من الأحزاب في الفترة التي كان فيها البرلمان غائبا، وربما ترتب على ذلك تأكيد وتدعيم نزاهة الانتخابات وعدم تدخل أي جهة أو مؤسسة حكومية للتأثير على نتيجة الانتخابات، حيث كان التزوير في مراحل سابقة يحدث لمصلحة حزب حاكم،أما في حالة عدم تواجد حزب حاكم فلا توجد مصلحة لأي طرف في التزوير.

ثالثا: عدم حصول أي حزب بمفرده على الأغلبية، حيث أثبتت الانتخابات في مرحلتها الأولى وجود تقدم طفيف للأحزاب على المرشحين المستقلين وهو ما يتناقض مع التوقعات والتحليلات السابقة للانتخابات، حيث حصلت الأحزاب في المرحلة الأولى من الانتخابات على 50,3% من المقاعد،بينما حصل المستقلون على 49,7% مما يعكس تقدم الأحزاب بنسبة ضئيلة،  كما يلاحظ إن النسب المئوية التي حصلت عليها الأحزاب فرادى لا تعبر عن تقدم كبير لأي حزب على حدة يمكن أن يصل به إلى الأغلبية وهذا هو المتصور تكراره أيضا في المرحلة الثانية من الانتخابات، حيث حصل حزب المصريين الأحرار على 15% من مقاعد المجلس التشريعي،  و يليه حزب مستقبل وطن بنسبة 13%، وحزب الوفد بنسبة 8% من المقاعد، و نتيجة لذلك فإن تكرار هذه النسب في المرحلة الثانية أو زيادتها زيادة طفيفة لا تتيح لأي حزب أن يحصل بمفرده على الأغلبية داخل المجلس النيابي، وهو ما يترتب عليه توقع حدوث تكتل أو ائتلاف داخل البرلمان.

رابعا: التكتل الحزبي داخل البرلمان، فمن الملاحظ إنه في ظل عدم إمكانية حصول أي حزب بمفرده على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، فإنه يكون من المرغوب فيه أن تتجه الأحزاب إلى تشكيل ائتلاف أو تكتل يعبر عن الأغلبية داخل البرلمان وخصوصا إنه غير مسموح بموجب القانون أن يغير النائب انتماءه السياسي، ويقصد بذلك إنه لن يستطيع أي حزب أن يضم إليه النواب المستقلين للحصول على الأغلبية كما كان عليه الحال في عقود سابقة، ولذلك يصبح البديل الوحيد المتاح هو أن تتجه الأحزاب إلى تكوين تكتل أو ائتلاف حزبي فيما بينها، وقد يكون هذا الائتلاف أو التكتل محدودا بهدف الحصول على الأغلبية البسيطة (50+1)، وقد يكون ائتلافا كبيرا أي بهدف الحصول على أغلبية خاصة (الثلثين أو أكثر) وربما هذا الائتلاف الكبير هو الأكثر إيجابية لأن بعض القرارات المهمة تحتاج إلى أغلبية خاصة وعلى الأرجح أن يتكون هذا الائتلاف من الأحزاب التي استطاعت أن تحصل على النسب الأعلى من المقاعد البرلمانية، كما قد تستطيع أن تجتذب إليها في التصويت البرلماني وليس الائتلاف السياسي بعض العناصر من المستقلين وخصوصا في القضايا التي يكون عليها توافق من الجميع (الأمن القومي – مكافحة الإرهاب –التنمية –المشروعات القومية ) الخ، ونرجو أن يكون ذلك بهدف تحقيق مصلحة الوطن العليا،  ومصلحة الشعب المصري.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة