رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

وتبدو الصين، كما لو أنها، تنتظر هزيمة كل الدول الكبرى التي تتصارع حاليا بشراسة على أرض الشرق الأوسط، الي أن يدمروا بعضهم البعض، لتعلن في النهاية عن انتصارها على الجميع دون أن تدخل الحرب!!

الصين الان، صامتة، هادئة، مصطنعة الاستسلام.. كمتفرج في صالة عرض سينمائي يترقب بشوق ولهفة معرفة نهاية فيلم الصراع الأمريكي الروسي الأوروبي في صحاري ووديان وسهول الدول العربية!!

فلماذا الصين ليست طرفا في هذا الصراع، الذى صورته لنا الدول المتصارعة، علي أنه حرب على الإرهاب بينما هو في الحقيقة والأصل حرب عالمية ثالثة على مناطق المصالح والنفوذ؟!.. فهل الصين بذلك لا تطمع في الحصول على قطعة من «تورتة» الشرق الأوسط التي بدأت القوى المتصارعة على تقسيمها؟!.. أم انها مكتفية بما حققته من إنجاز اقتصادي، أو بما اكتسبته من مصالح في مناطق أخرى بعيدة عن مناطق الصراع التقليدية للدول المتصارعة؟!

وحقيقة الصراع الدائر حاليا، الذي اضحى الجميع يعرف أنه بين أمريكا التي تحاول الحفاظ على هيمنتها الأحادية على العالم، وعلى ما حققته من مكاسب بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي، وبين روسيا التي تسعى الي أن تستعيد مكانتها كدولة عظمى، بعد نجاحها بتفوق تحت قيادة فلاديمير بوتن، بمفرده، بإعادة بناء اقتصادها وترسانة أسلحتها، وبحضورها كلاعب قوى ومؤثر على الساحة السياسية الدولية، وتمكنها من تشكيل جبهة من الحلفاء في مناطق الصراع القديمة، وبين أوروبا التي تصارع من أجل بقائها كدولة واحدة، وعملة موحدة، وثقافة وحيدة ترفع راية ممزقة عن الحق والخير والجمال والحرية والديمقراطية.. فان الصين وسط كل ذلك تبدو غائبة رغم أنها تحتل، فعليا، كل دول العالم اقتصاديا!!

إن آخر، ظهور صامت للصين، ككومبارس نكرة يمشى بين الجموع في مشهد سينمائي بائس.. كان في اجتماع مجموعة قمة العشرين التي عقدت بمدينة أنطاليا التركية منذ أيام، ورغم أن موضوع الإرهاب كان مسيطرا على القمة إلا أن الصين بدت غير مهتمة بهذا الصراع الدولي المعلن باسم الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط، وتحديدا على المنطقة العربية، بين أمريكا وروسيا وأوروبا.. وكأنها تعرف مسبقا ان كل الأطراف تقوم بإعادة انتاج للحرب العالمية الثانية، ولكن كفيلم سينمائي، أو مثل GAM على أجهزة البلاي ستيشن وبطريقة الأكشن الأمريكي.. اثارة ومتعة وتشويق.. بطولة نجوم داعش بعضلاتهم واسلحتهم وسياراتهم التويتا، وبقصص السبايا اللاتي يبعن في الأسواق من فتيات الاكراد والبشمركة الجميلات، وبمشاهد القتل والذبح والحرق وقطع الرؤوس، وتجارة السلاح والبترول والمخدرات.. وهو فيلم أمريكي بامتياز، ارتأت ان تنأي بنفسها عن التمثيل فيه واكتفت بموقع المتفرج، حتى انها لم ترفض أو تتململ، من مشاهدة الفيلم الثاني في نفس العرض رغم انه فيلم أوروبي بطيئ وممل ولكنه لا يخلو من لحظات خوف وحب وحزن ووداع في وسط باريس ووسط أجواء ماطرة وموسيقى تتسرب مع أصوات الرصاص وصرخات الضحايا الذين دفعوا وحدهم ثمن ما اقترفته حكوماتهم في دول الشرق الأوسط..!!

فلماذا الصين مبتعدة، كما لو أنها دويلة لا قيمة لها على المستوى الدولي، بينما هي في الواقع تكاد تكون القوة الثانية بعد أمريكا اقتصاديا ؟!.. وقد يقال بأن أحد المشكلات التي تحول بين حضور الصين كدولة منافسة لأمريكا وروسيا وأوروبا.. إن هيكلها السياسي ادارى وبيروقراطي، ويعوقها ويمنعها من التقدم الحقيقي، وان مشكلاتها الاقتصادية الداخلية لا تحتمل أي مغامرات.. وغير ذلك. ولكن الحقيقة ان الصين نجحت في ان تتسرسب في اقتصاد العالم مثل الهيروين في دماء المدمن فلا يستطيع ان يقلع عنها.. حيث إن المنتجات الصينية المتنوعة في أسعارها وجودتها صارت تلبي احتياجات كل الافراد والفئات بأسعار أقل بكثير من مثيلاتها في أمريكا وروسيا أو أوروبا.. وحتى في مصر!!

كما أن الصين أصبحت اللاعب الوحيد، تقريبا، في افريقيا.. بعد تقلص وجود الاستعمار القديم الإنجليزي والفرنسي، وعدم اهتمام أمريكا بأفريقيا، خاصة وانها تركت إسرائيل تلعب الأدوار القذرة ضد الحضور العربي فيها، وتحديدا ضد مصر مثل دورها في بناء سد النهضة الاثيوبي.. فوجدت الصين مكانا لها، والذى كان يجب ان يكون هو مكان مصر، وذلك من خلال بناء السدود، وإنشاء المصانع، والمدارس ومحطات المياه، والصرف الصحي.. هذا غير تصدير كل شيء من الإبرة للصاروخ.. يضاف الى كل ذلك أن الصين مشغولة بما هو اعظم من الشرق الأوسط وكل دوله.. ببحر الصين الجنوبي الذى يربط الشرق الأوسط بمنطقة القارة الهندية بشمال شرق آسيا وتمر به ثلث الشحنات البحرية العالمية بقيمة 7 تريليونات دولار، أي 15 ضعف قناة بنما وثلاثة أضعاف قناة السويس، ويحتوى على 7 مليارات برميل نفط كاحتياطي محتمل، و900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي؛ ما قد يجعل منه خليجًا عربياً جديداً.. وصراع الصين على هذا البحر الذي يشغلها عن بقية الصراعات الدولية قصة أخرى!

[email protected]