رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

 إذا كانت مِصرُ تمر اليومَ بأزمةٍ، فإنها قد مرَّت بأزماتٍ عديدة من قَبل، وخرجت مِنها قوية.. هكذا يؤكد التاريخ.. ولعل من أهمِ أزماتِها تلك التي وضعها فيها الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، في مثل هذا اليوم من 38 عامًا.. فبعد ساعات من خطابِ الرئيس الراحل أنور السادات أمام مجلس الشعب، في التاسع من نوفمبر عام 1977، وإعلانه استعداده لزيارة إسرائيل، دعا القذافى قادة الدول العربية لمقاطعة مصرَ ورئيسِها، واستجابَ له ـ بالترغيب والترهيب ـ رؤساء سورية، والعراق، والجزائر، واليمن الديمقراطية «الجنوبية»، فى جبهة أسموْها جبهة «الصمود والتصدى»، واسماها «السادات» جبهة «الأقزام».. والغريب أنَّ ياسر عرفات رئيس مُنَظمةِ التحرير الفلسطينية (الذى يَمُرُ اليوم 11 عامًا على وفاته)، قد انضم هو الآخر إلى «القذافى» وجبهته، رغم أنَّه كان قبل ساعات مع «السادات» في القاهرة، يحضر خطابه أمام مجلس الشعب.. ونسى «عرفات» أنه وَقَفَ طويلًا، وهو يُصَفِق بحرارة، وارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة، بعد أن سمع «السادات» يقول فى الخطاب: «إنَّنى على استعداد أَنْ أذهب إلى آخر الأرض إذا كان ذلك سيمنع إراقة دم جندى واحد من أبنائي.. وسوف تندهش إسرائيل حين تسمعنى أقولُ إننى مُستَعِدٌ أن أذهبَ إلى الكنيست..»..

   ولم تكن جبهة «الصمود» وحدها هى التى قاطعت مصر وعارضت السادات، فكلُ الدول العربية تقريبًا قد سارت فى طريق الرَّفض.. وظلَّ «السادات» غير عابئ بِمنْ عارضوا فكرة زيارته إسرائيل.. فقد كان واعيًا ومُدرِكًا أنَّ الشعوب وحتى الدول لا تعيش فى عداءٍ أبدىٍ مع غيرها، وكان فى مُخَيلتِه أنَّ الدولَ التي قاطعت مصر، حاولت الصمود فى مواجهتِهِ، والتصدى لتوجهاتِهِ، قد أصبحت فى صداقة مع شعوبٍ ودولٍ أُخرى، كانت قد احتلتها من قبل.. وتحوَّل مصريون ومعهم عرب، إلى أعداء للسادات؛ بعدما أقدَمَ على السلام.. وصفوه بالعمالةِ والخيانةِ.. لعنوه وسبوه.. شتموه بأحط الألفاظ.. تطاولوا عليه وقاطعوه، لكنه كان متمسكًا، ومُصِرًا إصرارًا أكيدًا على أَنْ يمضى فى طريقه، الذى انتهى بإعادة الأرض المحتلة لمصر.. ولو أنَّ الرئيس السُورى الراحل حافظ الأسد، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات قد شاركا «السادات» مشوارِه؛ لكانت الجولان قد عادت وتحررت، قبل أنْ يطلُب رئيس حكومة إسرائيل «نتنياهو» أمس الأول من رئيس أمريكا «أوباما»، ضمها لإسرائيل رسميًا، بعدما تداعت وهزُلَت سورية، ولكانت الأراضى الفلسطينية موحدة تحت حُكم الفلسطينيين بدلًا من الصراع الداخلى على السلطة، لكن الجميع لم يكونوا على مستوى وَعى ورؤية «السادات»، فتخلفوا عن ركبه، ثم استفاقوا يحاولون الحُصول على جزءٍ مما كان معروضًا عليهم، فلم يحصلوا، ولم يجدوا.

   أَنْظُرُ اليومَ إلى دولِ «الصمودِ»، لا أكادُ أراها إلا خرائطَ من ورق، تنتظر التعديل بعد التقسيم، أما مِصرُ رغمَ كلِ ما يُحاك لها، لازالت قويَّة، وستخرج من أزمتها عفيَّة..