رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

رغم كل ما قيل عن عزوف الناخبين عن الذهاب إلي التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية.. وما صاحبها من سخرية، مؤلمة، وقاسية، ممن لم يذهبوا للتصويت، إلا أن النتائج تضمنت الكثير من الدروس التي ربما تكون مفيدة للمرشحين، سواء الذين تمكنوا بالفوز أو من لم يتمكنوا، وأيضاً للناخبين، سواء الذين صوتوا أو من لم يصوتوا.. وأخيراً ستكون كاشفة لشكل البرلمان.. ليس القادم ولكن الذي بعده!

ولماذا نجع حمادي؟.. فقد كانت هذه المدينة، التي تعطى ظهرها للنيل، وهى عبارة قالها الأستاذ منتصر أبوالحجاج أحد أبرز قيادات الحكم المحلى والاتحاد الاشتراكي من أبناء هذه البلاد البعيدة دوماً عن كل ملك ورئيس، نموذجاً للتحضر المبكر لمدن الصعيد الجواني، فقد بنى فيها الأمير يوسف كمال قصره الشهير، وهو شخصية بارزة من الأسرة العلوية، وثالث رئيس لجامعة القاهرة وهو من أسس كلية الفنون الجميلة، وأقام فيها مدرسة البرنس، التي كانت أفضل من أكبر كلية في زماننا الرديء هذا، وكانت تضم نخبة من المدرسين الأساتذة.. والله كانوا أفضل من دكاترة الجامعات حالياً، ومن بينهم الأستاذ محمود على سالم، مدرس التربية الفنية، الذي كان من أبرز القيادات المحلية من الاتحاد الاشتراكي في زمانه، ولكن دوره الأهم في أنه جعل من حجرة الرسم بمدرسة البرنس «الشهيد خيرت القاضي حالياً» كلية تربية فنية مصغرة، تضم اتيليهات للرسم بكل أنواعه والنحت والخزف والأشغال اليدوية.. وورشة للديكورات والإكسسوارات والملابس المسرحية، حيث كان في هذه المدرسة مسرح قدم روائع النصوص المسرحية المصرية!

وكانت نجع حمادي من أوائل مدن مصر كلها التي أنشئت فيها أكبر وأقدم مصانع للسكر والألومنيوم في مصر والشرق الأوسط، وقد كانا ذا أثر غير محدود، اقتصادياً وثقافياً، للمدينة وكل القرى المحيطة.. ولهذا فإن نجع حمادي التي تضم أكثر من نصف مليون نسمة، ومن لهم حق التصويت أكثر من 300 ألف نسمة، التي تضم أكبر نسبة تعليم بين مدن الصعيد، كان من المفترض أن تأتي نتائجها بما يشتهى الناخبون.. ولكن للأسف جاءت نتائجها كما هي النتائج التي تأتي منذ مائة عام.. نفس العائلات والشخصيات الذين يفوزون دوماً، ويصلون إلي مقاعد البرلمان بالعصبية والقبلية وبالوراثة عن أجدادهم وأقاربهم!

ورغم ذلك لم تخلُ نتائج هذه الانتخابات من بارقة أمل.. أولاً لأن الذين فازوا من أفضل عناصر القبائل والعائلات، فقد كانوا قديماً يتم انتخاب أي شخص، ترشحه القبيلة أو العائلة، مهما كان مستوى تعليمه وثقافته، يضاف إلى ذلك أن الفائزين من الشخصيات المشهود لهم بالكفاءة والتفاعل مع الجماهير وخدماتهم، حيث فاز كل من اللواء خالد خلف الله، عن حزب المصريين الأحرار، وهو من عائلة الهمامية الشهيرة من قبيلة الهوارة، الذى تمكن في انتخابات 2010 بالفوز مستقلاً، وهزيمة الحزب الوطني، والعقيد محمد عبدالعزيز الغول مستقل، وهو ابن شقيق النائب الراحل الشهير عبدالرحيم الغول، وفتحي أحمد قنديل مستقل، وهو ابن النائب المخضرم الراحل أحمد فخرى قنديل، والنائب عبدالنبى محمد عبدالنبى السمان الشعينى، وهو أيضاً امتداد لعائلة عريقة في البرلمان منذ عشرات السنين.. وأخيراً رجل الأعمال ماجد أديب فهيم عطية، عن قائمة في حب مصر، وهو من عائلة قبطية صعيدية أصيلة تمثل الرأسمالية الوطنية في أفضل صورها، ويقوم بدور ذكي في تحديث وتطوير البيئة الثقافية والرياضية في نجع حمادي.. ويعتبر فوزه استعادة للتاريخ السياسي والوطني العريق للأقباط في الصعيد.. مثل عائلتي مكرم عبيد في قنا وفخري عبدالنور في سوهاج!

أما الحدث الأهم في انتخابات الصعيد، ونجع حمادي تحديداً، الذى آراه أملاً قادماً لا محالة، ليس في الصعيد فقط بل في مصر كلها.. وهو الشباب، فإن حملة «الشباب يقدر» في نجع حمادي التي قادها الشباب، ورشحوا المهندس الشاب «أحمد تقى» من أفضل ما جرى في هذه الانتخابات، فقد تمكن الشباب من المنافسة بقوة، وحصلوا باسم مرشحهم «تقي» على تشجيع ودعم الناخبين إلى درجة أنه دخل انتخابات الإعادة.. ورغم أنه لم يفز إلا أنه فاز بالأهم وهو القاعدة الجماهيرية الكبيرة له وللشباب الذين مثلهم، ولذلك أناشدهم الاستمرار، تحت نفس المسمى «الشباب يقدر» وأن يشاركوا نواب البرلمان الذين فازوا، في تقديم الخدمات للناس، وأن يكون كل شباب الحملة، نواباً في برلمان الشارع، الذي أصبح له فاعلية وحصانة أكثر من نواب البرلمان، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والحضور الفاعل بين الناس وداخل المؤسسات الرياضية والثقافية والاجتماعية، والتعامل باسم الحملة مع مؤسسات الدولة من إدارات الحكم المحلى أو مراكز الشرطة، والمكاتب الحكومية لرفع شكاوى الناس الخاصة، أو الوقوف أمام أي قصور في الخدمات العامة أو أي فساد، وأن يشاركوا بقوة في الانتخابات المحلية القادمة.. وإنني على يقين بأن البرلمان الذي بعد القادم، سيكون مختلفاً بشباب الأفكار والشخصيات ليس في نجع حمادي فقط، ولكن في مصر كلها.. بشرط واحد أن ينزل الشباب إلي الشارع ويقدموا خدمات للناس، وأن يواجهوا كل تقصير أو فساد.. وأن ينتزعوا مقاعدهم في برلمان الشارع!

[email protected]