رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يعلم الجميع أن «رجب طيب أردوغان» فى وضع لا يحسد عليه، وربما يزداد سوءاً، إذا لم تأت الانتخابات التركية التى تبدأ أول نوفمبر بما يشتهى حزب التنمية والعدالة التركى، فالوضع الاقتصادي هناك ينذر بالقلق، فبعد الانتخابات التشريعية التى أقيمت فى يونيو الماضى، تراجعت قيمة الليرة التركية بشكل كبير، مقابل الدولار الأمريكي. وبدأت البلاد تشهد تباطؤاً في الاستثمارات العالمية، وركوداً غير مسبوق في الأسواق الداخلية. وانخفضت القدرة الشرائية وانخفض النمو. وفشل الرئيس رجب طيب أردوغان في تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أوغلو، وبعد الاعتداءات الأخيرة في أنقرة ومدينة سرووج الحدودية مع سوريا، أطلقت تركيا حرباً على الإرهاب، مستهدفة في الوقت نفسه كما تقول «مسلحي حزب العمال الكردستاني» وتنظيم «داعش» الإجرامي.

وفى الواقع أن أردوغان بدأ يسوق لفكرة أن الأكراد إرهابيون، وهناك حالة من السخط العام ضد الأكراد بين الأتراك بعد الاعتداءات الأخيرة ضد الشرطة، وفى الحقيقة أن أردوغان واقع بين راحتى المطرقة فهو يريد أن يرفض الشعب حزب الشعوب الديمقراطي، ويحظى حزبه بنسبة أصوات تتيح له تشكيل الحكومة، وفى نفس الوقت يعلم أن العالم لن يمنحه صك الانضمام للاتحاد الأوروبى دون تسوية لأزمة الأكراد، إلى جانب أن الأكراد أنفسهم أصبحوا يعتبرونه عدوهم الأول، والأكراد لديهم صبر وقدرة عالية على التحمل؛ والأم الكردية ولادة وإن لم يكن أردوغان من سيدفع ثمن تعنته معهم، فغيره سوف يدفع الثمن وإن لم يكن اليوم فغداً..

وعلى ذلك أشارك المؤرخ أبو فيان رأيه فى أن الأكراد يمتاز الرجال فيهم بالاستقامة والروح القتالية والإخلاص الذي لا حدود له لأمرائهم، والثأر بالدم والعداوات العشائرية حتى بين الأقارب والولع بالسلب والنهب، ولا تعتبر أعمال السلب والقرصنة جرائم لدى الأكراد بل على العكس فإن ذلك حسب مفاهيمهم يليق تماماً بالرجل الشجاع الكردي الصياد الحاذق جداً بفطرته لأن الجبال ملأى بالوحوش والدببة والذئاب والخنازير البرية وبالتالى فالمعركة مستمرة مع أردوغان وتابعيه إلى أن يتحقق الحلم، خاصة أن أكراد تركيا يشكلون 56% من مجموع الكرد في العالم، وعددهم يتجاوز 15 مليون نسمة أي أنهم يشكلون نسبة 20% من مجموع سكان تركيا.

وإذا كان معظم الأحزاب الكردية العراقية ارتمت في حضن تركيا؛ وفي سوريا استمر توتر معظم الأحزاب الكردية السورية مع تركيا، فإن الأمر مختلف بالنسبة للأكراد فى تركيا.. وإذا كان التاريخ يشير إلى اشتراك الأكراد من الأتراك في مجزرة الأرمن أكبر مجزرة في التاريخ؛ راح ضحيتها قرابة المليون ونصف أرمني وآشوري وسرياني لكن هذا لم يساعد في دفع تركيا لتغيير ثوابتها تجاه الأكراد، ووقوف تركيا بجانبهم في إعلان (دولتهم الكبرى) أشبه بأمل ثعلبٍ في غابة يتملّق لأسد جائع كي يترك له فريسة ليلتهمها.

يحاول البارزاني مسعود الذي يطمع أن يكون (إمبراطور) الدولة الكردية الكبرى القادمة والذي لا يهيمن إلا على أقل من ربع الأكراد في المنطقة وهم الأكراد العراقيون يحاول جاهداً أن يكسب ثقة الأكراد غير العراقيين ليقلب الطاولة على تركيا فيشنّ حرباً كردية شاملة. والمشكلة تكمن فى أن الأكراد نشأوا وتربوا على حلم كردستان الكبرى ومصرين على تحقيق ذلك فمع كل الظروف الإقليمية والحضارية والتى لم تجعلهم يؤسسون دولة باسمهم، إلا أنهم استطاعوا الحفاظ لما يقرب من ثلاثة آلاف عام على كيانهم القومي ولغتهم الخاصة وفولكلورهم الذي يتغنى ببطولاتهم وأمجادهم ومآثرهم.. وهذا ما يؤكده الدكتور إبراهيم الدقواقى في كتابه (أكراد تركيا).

أن الأمر غاية فى التعقيد وهناك قوى خارجية تلعب دوراً قوياً فيه، فالمجلس الأوروبي مشترط على تركيا حل القضية الكردية في بلادها حلاً سلمياً وديمقراطياً اذا كانت حقاً تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وواشنطن اشترطت على أنقرة لدى تسليمها أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني إليها بضرورة عدم قتله، وتقديمه لمحاكمة تركية عادلة لأجل تحويل منظمته من الكفاح المسلح إلى السياسي السلمي.. والطريف أن حكومة العدالة والتنمية وأردوغان كتبوا سيناريو فيلم أردوغانى للحصول على ما يريدون بمحاولة إقناع الجميع أنهم يسعون جاهدين لجعل حزب العمال الكردستاني يُنهي مسيرته المسلحة مقابل ضمان استمرار حصول الأكراد على حقوقهم. وظهر أردوغان أثناء رئاسته لمجلس الوزراء كعادته كممثل يتقن دوره مُصرّا على إنهاء الصراع الذي دام لأكثر من 30 عاماً مهما كانت التكاليف، حيث كان يقول «سنستمر في السير في عملية السلام حتى لو شربنا سم الشوكران». ولكن بعد الانتخابات الأخيرة التي استطاع فيها حزب الشعوب الديمقراطي الحصول على 80 مقعداً برلمانياً من خلال 13% من نسبة الأصوات.

أحس أردوغان بالخطر فأعلن الحرب على حزب العمال الكردستاني واتهمه بالقيام بهجمات إرهابية على الأرضي التركية مستغلا الانفجار الذي حدث في منطقة سوروج التابعة لولاية شانلي أورفا ذات الأغلبية الكردية، لتأكيد ذلك، وقامت حكومة العدالة والتنمية بعمليات عسكرية ضد العمال الكردستاني لكسر شوكته لدى الناخب الكردي. والطريف أن أردوغان طلب من أكراد تركيا دعم حزب العدالة والتنمية بحجة انه يدافع عن الأكراد على عكس حزب الشعوب الديمقراطي الذي يستخدم المسألة الكردية للوصول إلى مآربه الشخصية.

كما يقول!.. وعامة الأيام القادمة ستقول كلمتها الفاصلة فى لمن ستكون الغلبة فى المشهد السياسى التركى. وليس أمامنا سوى الانتظار فالمشهد به الكثير من الغيوم.