رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

في مثل هذا الشهر من عام 2003 أي منذ 12 عاما استأذن الأستاذ هيكل في الانصراف ، وكتب مقالا مطولا في جريدة الأهرام قال فيه : لقد كان يرد علي بالي منذ سنوات أن الوقت يقترب من لحظه يمكن فيها لمحارب قديم أن يستأذن في الانصراف، وظني -والكلام للأستاذ هيكل - أن هذه اللحظة حل موعدها بالنسبة لي ففي يوم من أيام هذا الشهر - سبتمبر 2003 - استوفيت عامي الثمانين ، وأضاف الأستاذ في مقاله : كان تقديري أن أي حياة -عمرا وعملا- لها فترة صلاحية بدنية وعقلية وأنه من الصواب أن يقر كل إنسان بهذه الحقيقة ويعطيها بالحس - قبل النص - واجبها واحترامها، ثم إنه من اللائق أن يجئ مثل هذا الإقرار قبولا ورضا وليس إكراها وقسرا، كما يستحسن أن يتوافق مع أوانه ، وأضاف ما يساورني الآن أن يتساءل الناس لماذا يستأذن هذا الرجل في الانصراف بدلا من أن يكون سؤالهم لماذا يتلكأ هذا الرجل متثاقلا .

ومرت السنوات حتي وصلت 12 عاما ولم ينصرف الأستاذ .. لم تأت لحظة الإنصراف ، ولا يبدو في الأفق أي رحيل .. رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة.

تنكر الأستاذ للكلام الذي كتبه وعمره ثمانون عاما، ورغم أن عمره الآن يقترب من المائة إلا أنه يصر علي عدم الانصراف .

ما زال الأستاذ علي عهده القديم .. هو كما هو لم يتغير .. يتحدث عن كل شيء وأي شيء .. يتحدث عن الماضي كأنه هو صانعه وعن الحاضر كأنه هو محركه  وعن المستقبل كأن الريموت بيديه يحدد معالمه .. يصدع رءوسنا بما كان في الماضي ويوهمك وأنت تسمعه في فضائية أو تقرأ له حوارا في صحيفة أنه كان يدير العالم - ناهيك عن مصر - وأن الرؤساء وكبار المسئولين في الولايات المتحدة وأوروبا والاتحاد السوفيتي وقادة الدول العربية - كل هؤلاء - كانوا متيمين به وأنهم جميعا كانوا حريصين علي لقائه والاستماع إليه .. يتحدث عن الحرب العالمية الأولي والثانية وعن حرب أكتوبر .. وعن ثورات العالم بدءا من الثورة الفرنسية وحتي الثورة البلشفية والإيرانية .. يتحدث عن ثورات مصر 52 و 25 يناير و30 يونية.. يتحدث عن كل هذه الثورات والحروب في الداخل والخارج ولا ينسي أن يحدد موقعه وكأنه المحرك الأساسي لمعظم هذه الأحداث ولا يستثني منها إلا ما كان في غير زمانه.

نسي الأستاذ هيكل كلامه الذي كتبه منذ 12 عاما وهو أن أي حياة - عمرا وعملا - لها فترة صلاحية بدنية وعقلية، واستمر الأستاذ علي ما كان عليه حتي أصابه الخرف الذي اختلف حوله الكثيرون وما إذا كان خرفاً سياسياً أو خرفاً بفعل تقدم الزمن ..لم ينتبه الأستاذ هيكل إلي أن فترة صلاحيته البدنية والعقلية  قد انتهت وأن ما وصل إليه هو نتيجة طبيعية لانتهاء الصلاحية التي تحدث عنها منذ 12 عاما .

وقد جاء حوار الأستاذ الأخير مع جريدة السفير ترجمة لحالة الخرف وانتهاء الصلاحية البدنية والعقلية التي يعيشها .. فالرجل يعيش أسيرا للماضي .. تحركه أوهامه وتتحكم فيه خيالاته غير السوية .. ما زال يمارس هوايته القديمة في طمس الحقائق وسرد التاريخ طبقا لهواه وعلي حسب ما تمليه العاطفة .. ما زال الرجل يعيش في ضلاله القديم ..يكره الخليج شعوبا وحكاماً، ويقدس الفرس ويتباهي بصداقته لحكام الملالي من الخميني وحتي حسن نصر الله .. ويتغزل في الحضارة الفارسية والثورة الإيرانية .

في نفس الحوار أخذ الأستاذ ينفث سمومه علي الخليج وحكامه. 

وتحدث عن أزمة في السعودية من صنع أوهامه، وأخذ يروج لنظرية استسلام دول الخليج أمام الاتفاق النووي الإيراني وهي نظرية يروج لها عن جهل وانفصال عن الواقع .

في حوار السفير مازال الأستاذ يعيش في الماضي .. يتحدث  عن بضع كلمات قالها لتاتشر وعن حوار أجراه مع الخميني وعن لقاء مع شاه إيران وعندما أراد أن يتطرق إلي الحاضر تحدث عن خطاب أوباما في جامعة القاهرة!

وأصدق دليل علي دخول الأستاذ هيكل مرحلة الخرف وانعدام الثقة تلك العبارات التي جاءت في مقدمة حوار جريدة السفير وعلي سبيل المثال أنه ـ أي الأستاذ هيكل دائرة معارف، وموسوعة، وأنه تجربة عريضة، وأنه يعرف الكثير من المرجعيات السياسية معرفة مباشرة، ويعرف عن البلاد وأحوالها لا سيما العربية وبعض الغرب البريطاني والأمريكي وبعض الشرق وأنه يعرف الملوك والرؤساء والشيوخ .. عندما تقرأ مثل هذه العبارات في مقدمة حوار للأستاذ فاعلم أن الرجل قد انتهي .. وأنه ما وافق علي تلك المقدمة إلا لشعوره بأنه انتهي .

يا أستاذ هيكل أنت لم تحترم الكلام الذي كتبته منذ 12 عاما ولم تنصرف قبولا ورضا في عام 2003 حتي أصبح الانصراف الآن  إكراها وقسرا .

يا أستاذ هيكل لماذا التلكؤ والتثاقل؟

يا أستاذ هيكل الانصراف اليوم  وليس غدا.