رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يبدو الشاعر عماد أبوصالح عندما تراه كنخلة تميل مع الريح.. ولكنه في الواقع مسلة فرعونية تميل حولها الريح وهى لا تميل.. كلماته توقظك من غفلة الشعراء الذين يهيمون ويتبعهم الغاوون.. فهو يقول ما يفعل، وهو ليس إلا نصلاً حاداً من الشعر تتكسر الرياح علي حده الفاصل بين الحقيقة والخداع!

ما هي العصا؟

غصن شجرة

ما طاولة التعذيب؟

جذع شجرة

ما الصليب. ما الباب الذي يحجب الهواء. ما هو النعش؟

دلوني على شجرة. ليس فيها فرع جاهز لتعليق حبل

كل شجرة، إغواء بمشنقة.

عماد أبوصالح في ديوانه الأخير «كان نائماً حين قامت الثورة» لا يحتال على القراء بالثورة ولا يتاجر أو يفاخر بها، ولا يحجب حقائق الأشياء المؤلمة التي هي حقيقتنا:

كان نائماً حين قامت الثورة.. لم يغادر سريره

رغم أنه سمع الهتافات الهادرة.. من شباك غرفته

نان بعمق

كان وحيداً في البيت.. في الحى كله

لا ضجيج بائعين.. لا صراخ أطفال.. ولا نباح كلاب

وحيد وحر

بينما الثوار هناك

يشيعون جنازة الحرية.

هكذا.. عماد أبوصالح ليس شاعراً ولكنه قارئ لما يجرى من حوله، ولا يصنع أحلاماً من الشعر، ولكنه يعيد بناء الإنسان والحياة من جديد.. إنسان عارٍ إلا من حقيقته، وحياة جرداء إلا من أصلها الأول:

حواء بداية الحقيقة؟

لا.. هذا كلام خطأ

حواء البداية الصحيحة

كان آدم يعيش، كملاك، في الجنة. يحلم، فيجئ ما يحلمه. لكن كان هناك، عند الله، ملائكة مثله بالآلاف. إرادته كائناً فريداً، لا يشبهه أحد، ولا يكرره أحد.

ما هبطت به.. ارتقت به

جعلته يعمل ليأكل، ويصارع بيدين عاريتين، الشيطان. هو لم يتخل عنها. لم يقل لها: «أغويتني». نزلا هما الاثنان، وبنيا الحياة. جنة بعرقهما، على الأرض.

عماد أبوصالح منذ عام 1995، حتى الآن أصدر عشرة دواوين على نفقته الخاصة، وبأعداد قليلة، ويرسم بعضها بنفسه، ويوزعها بنفسه، فهو مؤسسة بمفرده، لا يؤمن بالمؤسسات، ولا يسعى إليها لطباعة دواوينه، ولا يصطف في طوابير النشر متسولاً على أبواب مسئوليها، الذين يفتقرون عادة «الأدب» مع الأدباء.. فهو يبحث عن قرائه الصادقين مثلما يبحث القراء عن صدقه.. ورغم ذلك أتمنى أن يوافق على إعادة نشر دواوينه في هيئة الكتاب مثلاً أو دار نشر خاصة ليس من أجله، فهو مكتفياً ومتشبعاً بما يكتب وبقرائه، ولكن من أجل الاحتفاء بشاعر كان هنا ولم نعره انتباها.. ووقتها سنفقد الكثير من الشعر الحقيقي.. والكثير من إنسانيتنا!

 

 

[email protected]