رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تحتفل مصر في خلال الأيام القليلة القادمة وعلى وجه التحديد في السادس من أغسطس 2015 بحدث هام وبارز وهو افتتاح محور قناة السويس الجديدة، والذي ينطوي على عديد من المزايا والمنافع لمصر والعالم على مختلف المستويات الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية والسياسية حيث يأتي هذا الافتتاح تتويجا لجهود جبارة قام بها الشعب المصري ومؤسسات الدولة المصرية أمكن من خلالها تحطيم حاجز المستحيل سواء من حيث الإمكانات المادية أو من حيث الإصرار على تنفيذ واكتمال المشروع في فترة زمنية قياسية قدرها سنة واحدة، بينما كانت كافة التقديرات الأولية للمشروع تضع فترة زمنية للتنفيذ لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا يعتبر افتتاح محور قناة السويس الجديدة نهاية للمشروع بل هو بداية لمشروعات ضخمة واستثمارات هائلة في المنطقة تتيح دفع وتنمية الاقتصاد المصري، وتعود بالفائدة على الاقتصاد المصري وعلى المواطن المصري والذي يعتبر هدف التنمية وأداتها، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية :-

أولا: قناة السويس كمشروع قومي لمصر: ويقصد بالمشروع القومي ذلك المشروع الذي يترتب عليه تكتل وتضافر وتوحيد جهود الشعب ككل بمختلف اتجاهاته وانتماءاته السياسية لتنفيذه، وتحتاج مصر في هذه المرحلة الراهنة من مراحل تطورها السياسي والاقتصادي إلى مثل هذه المشروعات القومية والتي يأتي على رأسها مشروع تنمية قناة السويس، وقد شهدت مصر في مراحل سابقة مثل هذه المشروعات القومية والتي كان من أهمها وأبرزها مشروع السد العالي وما أدى إليه من دفعه تنموية واقتصادية هامة بالنسبة لمصر وشعبها من حيث توفير مياه الري على مدار العام وتوليد الكهرباء وزيادة رقعة الأرض الزراعية ،فكان من المشروعات التي تشعر الشعب المصري بالفخر والقدرة على الأداء، كذلك فإن قناة السويس الجديدة هي رمز لمقدرة الشعب المصري على مواجهة الصعاب وقدرته على الأداء والإنجاز رغم كافة التحديات التي تواجهه ،ويثبت النجاح في تنفيذ هذا المشروع العملاق إن شعب مصر لا يعرف المستحيل، وإن التحديات والمصاعب تزيد من صلابته ومن قدرته على الأداء ومواجهة الصعاب والانتصار عليها.

ثانيا: نموذج قناة السويس قابل للتكرار في مشروعات قومية أخرى، ويقصد بذلك أن محور قناة السويس وتنمية منطقة القناة قد لا يكون المشروع القومي الوحيد بل من المتوقع تنفيذ مشروعات قومية متعددة أحرى في المستقبل المنظور منها مشروعات استصلاح زراعي ، وزيادة المساحة المنزرعة من الأرض بما يتواكب مع الزيادة السكانية، وكذلك مشروع قومي للإسكان للتغلب على أزمة الإسكان التي يعاني منها الشعب المصري وخصوصا الشباب، بالإضافة إلى مشروع قومي لتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لعلاج أزمة البطالة وغير ذلك من المشروعات المهمة والتي تدفع الاقتصاد المصري نحو النمو، وتحقق عملية التنمية في فترة زمنية قصيرة نسبيا، ويمكن في هذا الإطار الاحتذاء بنموذج قناة السويس والتي أمكن تنفيذها بجهود وأموال مصرية خالصة ودون الاعتماد على قروض خارجية، وهو ما يطرح التساؤل حول إمكانية تكرار هذا النموذج في مشروعات قومية أخرى تعود بالمنفعة على مصر وشعبها، فالنجاح يغري دائما بمزيد من النجاح.

ثالثا: قناة السويس وعناصر القوة الشاملة لمصر ،فتنفيذ هذا المشروع العملاق يسهم في زيادة و تدعيم عناصر القوة الشاملة لمصر والتي ترتبط فيها الجوانب الجغرافية والاستراتيجية والاقتصادية والتنموية، فقناة السويس والتي تم افتتاحها في أواخر القرن التاسع عشر قد أعطت لمصر أهمية جغرافية واستراتيجية كبيرة، ويؤدي افتتاح محور قناة السويس الجديدة إلى مزيد من الأهمية الاستراتيجية لمصر نظرا لتسهيل التجارة الدولية وسرعة المرور من القناة وخصوصا للسفن الضخمة مثل ناقلات البترول على سبيل المثال وهو ما يجعل من قناة السويس الجديدة هدية تقدمها مصر للعالم ،إضافة إلى ما تطرحه من فوائد اقتصادية وتنموية بالنسبة لمصر وزيادة مواردها من العملات الصعبة مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري، ويحتاج هذا الموقع المتميز وهذا الممر المهم إلى تنمية القدرات الدفاعية للدفاع عن هذا الممر الدولي المهم ضد أي أخطار أو تحديات يتعرض لها، كما يساعد ذلك على تقوية وتحسين صورة مصر على المستوى الدولي نظرا لما تمثله من أهمية للتجارة الدولية ،فضلا عن نمو منطقة القناة وجذب الاستثمارات الخاصة بالمشروعات الاقتصادية الضخمة ويسهم ذلك كله في تنمية القدرات الشاملة للدولة المصرية.

رابعا: تنفيذ مشروع قناة السويس وشحذ همة الشعب المصري، فقد ترتب على تنفيذ المشروع الضخم في فترة زمنية قصيرة قدرها عام واحد أن يتحول الحلم إلى واقع، والأمل إلى حقيقة نظرا لتضافر جهود الشعب المصري والتواصل والتلاحم بين القيادة والشعب، وقد أمكن تنفيذ المشروع رغم الظروف والتحديات التي تمر بها مصر وهو ما يعني أن مصر وشعبها يمكنهم تحقيق المستحيل وتحويل الطموحات والتصورات إلى حقيقة وواقع ينعكس ايجابا على مصر وشعبها، ولذلك نتوقع العديد من الإنجازات الجديدة في الفترة القادمة حتى يمكن مواجهة تحديات التنمية في فترة زمنية وجيزة، لقد آن الأوان لمصر قيادة وشعب أن تفخر بما تحقق من إنجاز في مشروع قناة السويس وتنفيذه على الوجه الأكمل والاتجاه نحو المزيد من الإنجازات التي تحقق آمال وطموحات الشعب المصري.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة