عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

مريم نعوم لم تؤلف مسلسلاً توعوياً عن المخدرات وتدميرها لكل المعاني والقيم, ولكنها تفضح زيف المجتمع الشرقي الملىء بالشروخ والتناقضات, تحنو نعوم علي بطلاتها فهن مقهورات ولكن لديهن قوة عاتية على المقاومة, بينما تعري بقسوة  الرجال, فـ (طارق)  مبتز ومدمر وخائن وقاتل, و(حاتم ) نموذج لازدواجية وأنانية الرجل الشرقي!.. و(علي) الشاب الثري المدمن يتزوج من فتاة قاصر مدمنة دون علم أهلها (هانيا), ويهربا وفي الوقت ذاته يرفض زواج أخته (راضية) من (أنس) صديقه ويقول لزوجته: (إن أخته لا يمكن أن تهرب مع أنس لأنها ليست مثلك)، هذا التفاخر الأخلاقي الزائف تعريه الكاتبة بقسوة عندما تقوده المخدرات إلي  السرقة, ثم إلي  بيع جسد زوجته من أجل حقنة مخدر!.. ثم تتمكن هلاوس المخدر منه فيحاول قتل زوجته!

يظهر الفارق الخطير بين التسامح والتهاون, فـ (سلمي) تتسامح إلي حد التهاون في حقوقها من أجل حبها لزوجها طارق المدمن, مما أدي لتدمير حياتها!.. وتشدد حاتم يدمر أسرته!.. حيث يرفض أن يغفر ماضى مريم الإدماني!.. فالماضي في الشرق لا يموت أبداً!

من الخطورة أن تأتي كلمات إيجابية عن ريادة أمريكا لعلاج الإدمان في صورة دعائية علي لسان أكثر الشخصيات المقدمة إيجابية وهي شخصية (شريف) المدمن السابق والمشرف علي علاج المدمنين!

شخصيات نعوم النسائية أقوي من النماذج الذكورية فحتي تاجرة المخدرات (عزوز) هي تجسيد للمرأة المعيلة التي تقوم بدور الرجل الغائب والهارب غالباً من المسئولية في مجتمعاتنا العربية!.. فهي ترعي أسرة من الأطفال تركها الرجل وهرب كأغلب الحالات في الأسر الفقيرة وعزوز هي ممثلة الطبقة الفقيرة في هذا العمل الدرامي المتورطة في عالم المخدرات!.. غياب (زوج) عزوز بالسجن يقابله غياب (مصطفي) والد هانيا الذي لم يظهر إلا في مشهد واحد يوافق فيه علي طلب زوجته (شيرين) والدة هانيا بالطلاق!.. ففي كلا الغيابين تتحمل المرأة المسئولية وحدها!.. وعدم ظهور زوج عزوز نهائياً وظهور والد هانيا في مشهد التطليق فقط يشهدا لبراعة الكاتبة في تأكيد معني الغياب!

ركز العمل علي طبقة اجتماعية بعينها هي أعلي شرائح الطبقة المتوسطة وفي حي المعادي تحديداً الذى توحي بناياته وحدائقه وشوارعه بالهدوء والجمال والرقي الظاهري ولكنه يحمل في باطنه خواء روحي وخراب وقبح خفي.

اقتحام البوليس لمصحة علاج المدمنين لم يكن منطقياً ولا أظنه علي قائمة أولويات الشرطة!

محاكم الأسرة في الغالب تنتصر للمرأة الحاضنة, وفكرة أن تحكم بحضانة حاتم  لطفلته الصغيرة لا تبدو واقعية, وبدت بعض مشاهد التعاطي تعليمية!.. بعض مشاهد الحلقات الأخيرة أتسمت بالعجلة في إنهاء الخطوط الدرامية وبالمباشرة التعليمية!

موسيقى تامر كروان موحية ومؤثرة, تامر محسن أخرج كل مشهد باستمتاع وحساسية عالية واهتمام بالتفاصيل وبكل ممثل وهو مخرج يعشق فن التمثيل ويحترم الممثل, نيللي كريم ملكة وتصل لدرجة من الصدق والأداء لم تبلغها من قبل, وهانيا (جميلة عوض) اكتشاف فني رائع, والمدمنة الضائعة (إنجي أبوزيد) أداء متميز, وظافر عابدين (حاتم) نجح في تنفيرنا من أنانية الرجل الشرقي, وأحمد وفيق (طارق) في أفضل أدواره علي الإطلاق!، لم يتطرق العمل لنقص  المصحات وتردي مستويات العلاج ولم يكشف أسرار مافيا المخدرات وصلاتها الوثيقة بالداخل والخارج، لكن روعة التأليف والإخراج والتمثيل وضعتنا تحت السيطرة، فنحن لدينا 5 ملايين مدمن نصفهم شباب.

 

 

خبير إعلامي

[email protected]