قانون الجمعيات الأهلية
لا شك أن المجتمع المدني يُعد معياراً حقيقياً يمكن الاستناد إليه في تقييم مدى ديمقراطية المجتمع؛ ففي حين يغيب المجتمع المدني عن النظم الشمولية، فإن المجتمعات الديمقراطية توفر البيئة المناسبة لقيام مجتمع مدني حيوي، يحقق التوازن بين سلطة الدولة من جهة، والتجمعات الخاصة من جهة أخرى.
وعلي ذلك فإن المجتمع المدني، باعتباره ملمحاً ديمقراطياً، ينهض بدور بالغ الأثر في دمج المجتمع المحلي في المنظومة الدولية المتحضرة، حتى أن منظمة الأمم المتحدة باعتبارها منظمة دولية، تهدف إلي تحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان، فضلاً عن تنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي، بنفس حرصها علي حماية السلم والأمن الدوليين؛ ولذلك تحرص الأمم المتحدة على إفساح المجال أمام منظمات المجتمع المدني للمشاركة في أنشطتها، كما أنها تشارك بفعالية في مجتمع مدني عالمي، وتضطلع بحمايته، وتتضامن معه في أهدافه وقضاياه.
من هنا فإن قانون الجمعيات الأهلية الجديد المقترح من جانب الرئاسة، لم يستطع التعبير عن طموحات ثورة 25 يناير، واحتفظ بالكثير من القيود التي كبلت المجتمع المدني المصري في العقود الماضية، بل أثار الكثير من المخاوف، في الداخل والخارج علي السواء، باعتباره ينتهج نفس نهج النظام السابق في التشكيك في أهداف منظمات المجتمع المدني، بادعاء سهولة اختراقه من الخارج لتحقيق أجندات أجنبية تتعارض والمصالح الوطنية!!.
وقد عبرت عن ذلك انتقادات متعددة لمسودة القانون الجديد، صدرت عن الأمم المتحدة والعديد من الحكومات والمنظمات
ومن ثم فإن قانون الجمعيات الأهلية الجديد لا يتوافق والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما أنه لا يحظي بتأييد القوى السياسية الفاعلة في المجتمع المصري، الأمر الذي يضع مصر في مواجهة واضحة للقيم السائدة في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة، ما يُشير إلي صدام متوقع يعرقل اندماج مصر في المجتمع الدولي المتحضر، وهو ما يمكن أن ترتكز عليه بعض القوى الدولية للقفز إلي مواقف مُعادية لمصالح الوطن، بدعوى حماية حقوق الإنسان في مصر، ولنا في تجارب دولية قريبة، عظة وعبرة لمن يعتبر.
«الوفد»