كل عام وأنتم بخير
إلى كل من إختلفت معه فغضب، وكل من خالفته الرأى فظن بى السوء، وإلى كل من ظن أن حب مصر تختص به قلوب دون قلوب، وإلى كل الذين يعرفون أن حب مصر أمر محتوم ومكتوب فى قلوب المصريين جميعا، وإلى كل المصريين فى كل مكان، كل عام وأنتم بخير.
ومن الخير فى بداية العام أن نتذكر الحب والتسامح والعطاء، تلك القيم المصرية الأصيلة التى زرعتها وتبنت شجرتها على أرض الكنانة الأديان فصارت وارفة الظلال مترامية الأغصان أظلت المصريين عبر العصور، وحمتهم عبر القرون من قيظ الحياة وقسوة الأيام، ومكنتهم من هزيمة الأعداء وعبور الأزمات. ومن الخير الكثير أن نتذكر هذا الآن فى بداية العام الجديد قبل أن يضيع عام آخر فى الجدال والصراع والتناحر بعد أن مضى على الثورة عامان ملأهما الجدال والتشويه والتسفيه والصراع المخيف، والعجيب أن كل ذلك كان من أجل مصر وحبا للوطن!!. ولا أدرى كيف يجتمع الصراع المفزع والتشويه الخبيث والجدال العقيم مع الحب، لكنها غرائب الأيام وتراكمات السنين العجاف، والصدأ الذى أصاب النفوس من طول البقاء فى هوة الظلم والخوف، وطول المكوث فى متاهة الفقر والفساد والتأخر والجهل. كلنا ينظر للمستقبل وكلنا يسعى إليه لكننا نتعامل معه بأفكارنا البالية ومخاوفنا القديمة ويتحكم فينا الماضى بشكوكه وهواجسه. لقد أسقطت ثورة يناير النظام وأسقطت جدار الخوف ومحت سقف الأمانى لكن كل ذلك كان خارج النفوس وعلى الأرض وأمام الناس، ولكن مافى داخل النفوس والعقول ومايمتلىء به الوجدان وهو الأهم للأسف لم تدركه الثورة حتى الآن. إننا جميعا نتحدث عن التوافق ونبحث عن أرضية مشتركة للحوار وننسى أن حب الوطن يكفى لهذا ويزيد، وهل هناك أكثر من حب الوطن عامل للتوافق ودافع للتسامح والعطاء؟. لقد تعودنا طيلة العامين الماضيين أن نذكر عيوب الآخرين ونتذكر المساوىء وننسى كل ماعدا ذلك، لقد تلبستنا روح الهدم فنسينا أن الهدم إستثناء من الأصل وهو البناء فلم تبقى لنا مؤسسة بنيت بعد الثورة إلا وهدمت أو تضافرت الدعوات لهدمها، حتى الدستور الذى أستفتى عليه الشعب ونتفق على أكثره وتتفق الآراء على تعديل مالانتفق عليه تتكاثر الدعوات لإسقاطه والعودة إلى نقطة الصفر والمراوحة فى المكان بدلا من التقدم ومواصلة السير. إن مالدينا من حكايات عن التعاون والحب فى أيام الرعب والخوف أثناء الثورة كان يكفى لو تذكرناه، أن يغفر كل منا للآخر إساءته وخطاياه، وأن يجمعنا سياجا للثقة لا يتهدم مهما كان الخلاف أو الإختلاف. ولكننا بدلا من ذلك نتذكر الماضى ونتحدث صدقا أو كذبا عن تاريخ الناصريين الإقصائى وتاريخ الإخوان المراوغ وتاريخ الجماعات الإسلامية الدموى وتاريخ الليبراليين الفاسد وتاريخ العلمانيين الفاجر ولانذكر أن