ثورة أم عباسية ؟
تدخل الثورة المصرية مرحلة خطيرة،وفاصلة،اما ان تكتمل وتحقق اهدافها،واما ان تفشل،ويعود النظام السابق كما كان بوجه جديد وبنهج سياسى اخر،يتفاعل مع المستجدات ،يقوم عليه الصف الثانى من رموز النظام السابق،فقد استخدم من يرون ان الثورة والاحداث التى سوف تؤدى الى تغيير جوهرى فى الحكم خطراً على مصالحهم
وبقائهم فى السلطة،وضرراً اخر كبيرا بمصالحهم الاقتصادية التى شكلوها فى عدة عقود،استخدموا كل السبل والادوات للقضاء او محاولة وقف الثورة عند حد معين،فاستخدموا كل ما يحملونه من افكار واموال،فى احداث حالة من الفراغ السياسى والامنى،وتشديد على الترويج الاعلامى ضد السياسيين الجدد من الاسلاميين،واحداث نوعا من حالة عدم الوعى ودرجة عالية من التيقن او عدم معرفة القادم،والدخول فى المجهول،وارسال كل ما يمكنه ان يبعث فى نفوس المصريين عدم الثقة بمستقبل مصر السياسى الحالى،وانه يجب العودة الى الخلف والتفكير مجدداً،وظهر ذلك واضحاً بترشيح الفريق احمد شفيق واللواء عمر سليمان نفسيهما فى انتخابات الرئاسة،وهو تحدى واضح للثورة المصرية،وهما اقرب الشخصيات للنظام والرئيس السابق،بل واكثر الشخصيات حداثة فى التعامل مع الايام الاخيرة للثورة،فالاول كان رئيس وزراء مبارك،والثانى فهو عقل مبارك حتى اخر لحظة علاوة على انه كان نائبه،وهى درجة ثقة تصل لاقصاها من مبارك فى احد رجاله،ثم احداث حملات اعلامية مكثفة ضد البرلمان المنتخب وما تكون منه من جمعية تاسيسية للدستور،ونجاح تلك الحملة المقترنة بحالة الفزع العام ونقص الخدمات للمواطنيين،وانتشار البلطجة،واعتصام الداخلية،واصرار المجلس العسكرى على انه الحاكم الشرعى للبلاد فى مواقف متعددة وصاحب الحق الفصل،واهمها رفض حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة،الا انه قد ينسى ان الحاكم الشرعى للبلاد مسؤل ايضاً عن أمن المواطنيين وتوفير احتياجاتهم اليومية،وادعاء المجلس العسكرى انه يقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية عندما عارض قانون العزل السياسى،امراً عجباً ،فكيف لحامى الثورة ان يكون على نفس المسافة بين الشعب الراغب بالتغيير والذى قام بانتفاضة ثورية،وبين رموز النظام السابق؟ كيف يكون على مسافة واحدة بين الظالم والمظلوم ؟وهنا تكون الاجابة انها ليست نفس المسافة بل هو اقرب الى الطرف الثانى الذى كان يجب استبعاده من المشهد السياسى لفساده ومشاركته فى نظام فاسد طوال عدة عقود،واكتملت الصورة باحداث العباسية التى ينقص عنها معلومات كثيرة،فقلة المعلومات تنشر الفتن والشائعات،واحاديث اعضاء المجلس العسكرى عند تركيبها على الاحداث الواقعية نجد تضاداً وعدم تطابق فى الكثير .
نحن نشهد حالة من عدم الثقة،فى معظم الاطراف،عدم ثقة الاطراف السياسية فى المجلس العسكرى،ونيته فى تسليم السلطة،وان له يداً فى الاحداث الغير متوقعة التى تحدث كلما اقتربت انتخابات الرئاسة،وهناك حالة من عدم الثقة بين التيارات السياسية وبعضها،وان كل طرف يتهم
نحن بالفعل امام مشهد يعبر عن العباسية،التى عندما يذكر اسمها،لا يلتفت الشخص الى العباسية كمكان،ولكن الى مستشفى الامراض النفسية،لكنه الحقيقية يوجد بالعباسية اشخاص ربما لديهم افكار ورؤى افضل،فهناك مثل شعبى قديم "خذوا الحكمة من افواه المجانيين"،فهل نحن امام ثورة رائعة وصفت على انها من افضل الثورات فى التاريخ أم امام عباسية ؟ لا يعرف لها طريق او منهج سوى التخبط والكلام الثرثار الذى اصبح لا يفيد.
نحتاج الان الى اصرار وثقة ...اصرار على استكمال الثورة ...وثقة اننا قادرون ولن نتراجع الى الخلف ...ونحتاج الى ثقة فى بعضنا البعض ..ولو على سبيل التجريب،فهذا لا محال مته،ولابد ان نتجه الى نقطة البداية من جديد،والا سوف نكون جمعيا كمن فى العباسية،نتحدث كثيرا دون ان نصل لشىء،ولا نعرف ما الهدف وكيف نصل اليه
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى
[email protected]