عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤساء المسرح السياسي

هل ما يعيشه المجتمع المصري الآن هو مشهد سياسي أم سيرك عبثي أم مسرح درامي تختلط فيه المآسي بالسخرية، وتتقابل فيه أدوار الممثلين، فمنهم من يهوى البطولة ومنهم من يلعب الدور الثاني وآخرون مجرد كومبارس يكمل الصورة، بينما المصريون يجلسون أمام خشبة المسرح يتابعون المهزلة أو المأساة أو الكوميديا السوداء ويترقبون لحظة إسدال الستار

حتى يصفقوا أو أن يلقوا بالبيض والطماطم على الفرقة، فتكون هذه نهاية فرقة المسرح السياسي الثوري بكل تياراته الاسلامية  والمتشددة والليبرالية والمدعية وحتى فرقة الأمن التي تحمي المسرح والجمهور فإنها على وشك أن تلعب دوراً في مجاميع المشهد السياسي بالقوة ولنقص الامكانات المادية لمنتج العمل المسرحي.
فكرة العزل السياسي التي ابتدعها برلمان ثورة 25 يناير بحجة حماية الثورة ومكتسباتها من فلول النظام السابق هي فكرة مسرحية تدخل في اطار المسرح العبثي لبرخيت وأدنيل والحكيم، لأن طالع الشجرة اذا أراد أن يقطف منها بقرة تحلب وتسقيه لبن بالملعقة الصيني فانه من الممكن لأي نظام جديد أن يعزل الشعب المصري بأكمله ويقصيه سياسياً واقتصادياً ويمنع كل من عمل في الحكومة وتقلد منصب مدير أو مسئول أو حتى عمل في المحليات أو مجرد كان موظفاً في هيئة الضرائب مثلاً أو في المرور، أو في مصلحة تتبع النظام السابق وتعيش على قوانينه وفكره الذي لم يكونه فرد أو مؤسسة ولا حكومة بذاتها ولا وزراء أو وكلاء ولكنها مجتمع متكامل كل فرد فيه لعب دوراً إما بالظلم والفساد والرشوة أو التغاضي عن ذلك أو السكوت أو هو ذاته شارك ودفع رشوة أو عمولة أو كسر إشارة أو غش في امتحان وما أكثر ما قام به المصريون حتى يومنا هذا، ولهذا فإن العزل السياسي عليه أن يكون للجميع فلا يعمل أي موظف في أي وظيفة كان يشغلها أيام المخلوع وأعوانه.
أما أهل الورع والتقوى ورجال السلف الصالح والاخوة المسلمون فإنهم عملوا جميعاً في وظائف حكومية، والعديد منهم أنكر انحيازه للسلف أو للاخوان ولم نر تلك الذقون بهذا الشكل وهذا الوضوح إلا بعد أن انطلقت ثورة الشباب، والليبراليون الذين يدعون إلى المستقبل وإلى التغيير بينما التيارات الدينية خاصة السلفيين فإنهم لهم افكاراً رجعية تتعارض مع الفكر الثوري، وتؤكد على أنهم لم يعلنوا عن احزابهم أو انتماءاتهم وتخفوا وشاهدوا الظلم وسكتوا على أقل تقدير، ومن هنا كان الساكت عن الحق شيطاناً اخرس ولم يكونوا جميعاً مناضلين ومكافحين دخلوا السجون وتعذبوا وحرموا من السلطة ومن المناصب ومن الحرية، لهذا فإن العزل السياسي قد يكون مقبولاً لرؤوس يثبت فسادها إجرامياً ووفق القانون ولكن أن يكون العزل لمجرد العمل مع النظام السابق في أي منصب

قيادي فإن هذا هو افتراء على الحريات وعلى الثورة وعلى القانون وعلى الدولة الجديدة.
إن المسرح العبثي هو مسرح اللامعقول فلا منطق ولا حتمية ولا سببية ولكن الاحداث والشخوص تتصرف دون عقلانية لأنها تتحرك بالنوازع الداخلية وتترك الافكار تمر الى الواقع دون أن يوقفها المنطق والضمير الواعي، ولهذا فإن مسرح العبث لا تحكمه قواعد المسرح الكلاسيكي مثله مثل حال الواقع السياسي الذي يرفض برلمانه أن يحكم دولة القانون والتشريع والدستور، ويقرر في كل لحظة ان الاغلبية قادرة على الهيمنة إما من خلال لجنة تأسيسية ذات صوت اسلامي أو من خلال إصدار قانون تشريعي في 48 ساعة تفصيل مقاس أحد الاشخاص من النظام السابق حتى ولو كان لهم الحق وعليه كل القصد، والأخطر ان من قالوا نعم للتعديلات الدستورية في استفتاء مارس 2011 ها هم اليوم يرفضون المادة 60 ويطعنون في دستورية المادة 28 بل ويشككون في القضاة ويتهمونهم عبر وسائل الاعلام بالفساد والتورط في قضايا أخلاقية ويتصاعد العبث وسخرية الحدث فيهدد المرشح وأنصاره بحرق الوطن وبحور الدماء، بينما البرلمان يتراجع عن شرعيته ويبتكر شرعية جديدة تجمع بين البرلمان وثورة الميدان وأهو كله سياسة وثورة ولا معقول.
لهذا فإن رؤساء مصر أو المرشحين للرئاسة عليهم أن يطلعوا شجرة الديمقراطية ويأتوا للمصريين ببقرة موسى عليه السلام ولا يجادلوا حتى لا تذبح البقرة ويسيل دمها فلا يشرب المصريون لباً ولا يأكلون عسلاً مادام البطل مصراً على دور البطولة المنفردة وعلى إسدال الستار قبل النهاية المنطقية، والجمهور المصري يمسك بيده البيض والطماطم إيذانا بغلق المسرح وانتظاراً لفرقة اخرى وبطل حقيقي يعرف قواعد المسرح ويحترم ذكاء الجمهور ويطلع الشجرة ليأتي بحق الوطن وأبنائه بعد أن يزرع ويروي ويحصد ويلم المحصول والشمل والأرض المصرية الطيبة.