رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصويت المصريين بالخارج

نادى كثير من المصريين منذ  سنوات بضرورة منح المصريين المقيمين بالخارج حق التصويت فى الانتخابات البرلمانية وكذلك الانتخابات الرئاسية وزاد الاهتمام بهذا الأمر  بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث طالب المصريون بالخارج ضرورة منحهم هذا الحق وساندهم فى ذلك الكثيرين بالداخل

،حتى قضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة فى حكمها التاريخيى بأحقية المصريين بالخارج فى التصويت فى الانتخابات البرلمانية مثلهم مثل نظرائهم بالداخل إعمالاً لمبدأى المساواة والمواطنة الواردين فى الاعلان الدستورى الصادر فى شهر مارس لعام 2011 ، وقد أعلن كل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء واللجنة العليا للانتخابات استجاباتهم لتنفيذ هذا الحكم وبدأوا فى محاولة إيجاد الآليات اللازمة التى تمكن المصريين بالخارج من مباشرة حق الانتخاب تنفيذاً لحكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه . ونظراً لوجود صعوبات قانونية وواقعية لتنفيذ هذا الحكم وفى محاولة من الحكومة للتغلب عليها فقد اقترحت منح الصفة القضائية للسفراء والقناصل بالخارج ليقوموا بالاشراف على تصويت المصريين بالخارج بحسبان أن الاعلان الدستورى المذكور قد نص على إشراف أعضاء الهيئات القضائية على العملية الانتخابية برمتها وبالتالى يتعين تدبير إشراف قضائى عليها فى الخارج أيضاً .
من هذا المنطلق وفى رأيى الشخصى أن مسألة تصويت المصريين بالخارج تعتريها إشكاليتان  الأولى وهى الأهم والتى لم تتطرق لها الحكومة المصرية عند دراسة مقترحات تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى سالف البيان  ، تتمثل هذه الاشكالية فى كيفية مشاركة المصريين بالخارج فى العملية الانتخابية ، هذه الكيفية  التى أتحدث عنها لا تعنى آليات وطريقة المشاركة، ولكنى أتحدث عن طبيعة المشاركة فى حد ذاتها ، نقطة الانطلاق فى هذه الاشكالية أن عضو البرلمان فى الأصل يمثل دائرته سواء كان مستقلاً أو حزبياً فهو ينوب عن أهالى دائرته أمام البرلمان ليتحدث نيابة عنهم ويطرح الرؤى والأفكار التى تهم دائرته فى المقام الأول وهذا بالطبع لا ينتقص من دوره الأهم فى التشريع والرقابة البرلمانية على أداء الحكومة، ولكن يبقى وفقاً لطبيعة الواقع المصرى الذى نعيشه أن عضو البرلمان فى الأساس ينوب عن دائرته ويمثلها لذا فهو يهتم بالناخب أكثر من اهتمامه بالدور التشريعى أو الرقابى ، وبالتالى تجد إهتمام النائب بأهالى دائرته وارتباطه بهم والعمل على حل كافة مشاكلهم اليومية والتواصل معهم والالتقاء بهم هو الشغل الشاغل له ، وفقاً لهذه الطبيعة لنائب البرلمان المصرى ، فإن كل ناخب حينما يدلى بصوته فى الانتخابات يضع نصب أعينه المرشح الذى سيستطيع أن يمثله خير تمثيل فى المجالس النيابية  ، هذه العلاقة بين الناخب والمرشح تفرض أساساً قوامه المعرفة الشخصية  والقدرة على حل المشاكل والتواصل ، بتطبيق هذه العلاقة فيما بين المصريين بالخارج والمرشحين فى الانتخابات ، نجد أنها غير متوافرة فالناخب غير مقيم بدائرته داخل مصر لكنه مقيم خارجها فلا تهمه مشاكل الدائرة إلى حد بعيد فهو لا يريد ثمة خدمات يومية من عضو البرلمان من تلك التى يريدها الناخب المقيم فى الدائرة ، إذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن نسعى لمنح المصريين بالخارج حق التصويت فى الانتخابات البرلمانية؟!
تكمن الاجابة من وجهة نظرى الشخصية أن الناخب  المصرى فى الخارج ما يهمه فقط هو الدور التشريعى لعضو البرلمان واضطلاعه بالدور الرقابى على أداء الحكومة هذا فضلاً عن اهتمامه بمشاكله الخارجية فى البلد التى يقيم فيها  ، أى أن العلاقة بين الناخب المصرى بالخارج والمرشح للبرلمان قوامها أو أساسها الكفاءة البرلمانية فى التشريع والرقابة واهتمامه بمشاكله وأحواله الخارجية ، ولذلك فهو سيسعى لإعطاء صوته لمن لديه هذه الكفاءة وهذا الاهتمام ، من هذه النقطة الأخيرة أرى أنه يجب تعديل الاعلان الدستورى وقانون مباشرة الحقوق السياسية وتضمين الدستور المصرى الجديد بمشئية الله تعالى ما يقرر للمصريين بالخارج عدداً من النواب داخل البرلمان بمجلسيه

على سبيل المثال ( خمسة فى كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى ) يتم انتخابهم على مستوى الجمهورية ككل بمعرفة المصريين بالخارج وحدهم دون غيرهم وفى أثناء إجراء الانتخابات البرلمانية ليكونوا ممثلين عنهم داخل البرلمان بمجلسيه ، هذا يشابه فكرة الكوتة الخاصة بالمرأة التى تم تطبيقها فى الانتخابات الماضية ، فالناخب المصرى بالخارج وفق هذا الرأى سيختار عدد من المرشحين على مستوى الجمهورية سواء بالطريق الفردى أو بالقائمة يمثلونه فى البرلمان وسيستطيع التواصل معهم سواء قبل إجراء الانتخابات فى فترة الدعاية الانتخابية أو بعد الانتخابات  بكافة الوسائل وأهمها طبعاً  الوسائل الاليكترونية ، وبذلك نكون قد أعطينا الحق للمصريين بالخارج فى المشاركة باختيار نواب البرلمان الذين يمثلونهم صدقاً وحقاً ويكون هؤلاء النواب هم ممثلوهم قولاً وعملاً فى البرلمان .
الاشكالية الثانية التى أود طرحها فى هذا الأمر كذلك  تتعلق بمسألة الاشراف على انتخابات المصريين بالخارج  ، مع شديد تقديرى واحترامى لأعضاء السلك الدبلوماسى والقنصلى وتمتعهم بحصانات وظيفية عند ممارستهم لأعمالهم فى السفارات والقنصليات بالخارج إلا أنهم فى النهاية يتلقون تعليماتهم من وزير الخارجية الذى يمثل السلطة التنفيذية  ، وبعيداً عن التشكيك فى مدى نزاهتهم وحياديتهم فإنه ودرءاً للشبهات وحتى لا يتم التشكيك فى نزاهة العملية الانتخابية للمصريين بالخارج وهم كتلة تصويتية هائلة من الممكن أن تغير نتيجة الانتخابات خصوصاً الرئاسية ، فإنى أرى أن القضاة هم أولى بهذا الاشراف دستورياً وقانونياً وشعبياً فالقضاة مستقلون بحكم وظائفهم فالقضاة غير تابعين لأى سلطة فلا سلطان عليهم إلا للدستور والقانون وضمائرهم ، فهم يحكمون بين الناس بالعدل فيشيعون الأمان والطمأنينة بين الناس، لذلك فان الشعب لا يطمئن إلا لسواهم عندما يتعلق الأمر بالاشراف على الانتخابات وحين قامت الثورة كان من بين أسباب قيامها إبعاد القضاة عن الاشراف على الانتخابات البرلمانية وتزويرها بمعرفة السلطة التنفيذية ، لذلك فإن إشراف القضاة على أى انتخابات تشريعية أو رئاسية يجب أن يكون غير منقوص ويتيعن على الحكومة إيجاد الآليات التى تسمح  بإجراء هذا الإشراف فلا تسعى لإجراءات بديلة كمنح السفراء والقناصل فى الخارج الصفة القضائية حتى تخرج من مأزق الاشراف القضائى ، بل يجب عليها وقد استأمنها الشعب المصرى فى ثورته المجيدة على تطهير البلاد من الفساد والبعد عن شبهات تزوير الانتخابات أن تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من إمكانات أن تذلل كافة العقبات أمام إشراف القضاة بأنفسهم ودون غيرهم  على الانتخابات التشريعية أو الرئاسية للمصريين بالخارج .

---------
رؤية شخصية
مستشار / محمود رشيد محمد