رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلنا مبارك

أنتظر الرجل المسن الذي يبدو عليه سمات العلماء حتي اخضرت إشارة المرور ثم بدأ يتحرك بسيارته القديمة ليدور يساراً عابراً الشارع فوجد دراجة لم تتوقف كباقي السيارات التي حجزتها الإشارة،

فتمهل بسيارته حتي تمر قبله لكنه فوجئ بموتوسيكل يأتي مسرعاً عكس الاتجاه وكاد يصطدم بسيارته، أوقف الرجل سيارته في اللحظة الأخيرة، بينما مضت الدراجة في طريقها، وتوقف راكب الموتوسيكل ونظر إلي العالم بغضب والشرر يتطاير من عينيه وبصق في الأرض، حول الرجل المسن نظره بعيداً مؤثراً السلامة وبعدها تحرك الرجل بالموتوسيكل محدثاً به ضجة كبيرة كأنه يصب بها اللعنات علي غريمه مخترقاً صفوف السيارات المنتظرة صاعداً به علي الرصيف إذا لم يجد منفذاً بينها.

كانت السابعة مساء والمكان أحد الأحياء الراقية، مرت الواقعة بسلام ولم ينطق أحد لا أصحاب السيارات ولا عسكري المرور الغلبان، تذكرت مشاهد الضباط الذين يمرون بسرعة ليتأكدوا من خلو الطريق قبل ظهور موكب سيارات رئيس الجمهورية أو حتي سيارات بعض الوزراء والأكابر.

حقاً لقد تغيرت مصر، سألت نفسي: هل ما شاهدته هو من مظاهر ثورة 25 يناير التي حدثت يوم 25 يناير، كما قالت إحدي أغاني الثورة بشاعرية عظيمة؟!

أجبت عن سؤالي: ولم لا؟ ألم يطالب الشعب بإسقاط النظام؟ وها قد نجحنا في إسقاط النظام بالفعل؟ ألم يطالب الكل بأن ينال حريته؟ وأخيراً حصلنا علي حريتنا بالفعل؟ الكل سواسية الآن أمام القانون (أو عدم القانون) لا يهم المهم أن الكل سواسية.

كانت الثورة واضحة علي ملامح وجه صاحب الموتوسيكل، وحمدت الله أنه أفرغ شحنته الثورية بنظرته الغاضبة وبصقته علي الأرض واكتفي بذلك.

لابد أن الرجل فكر ساعتها أن الذين نهبوا أموال الشعب وعرقه تملكوا القصور والسيارات الفارهة والطائرات الخاصة، بينما هو يركب الموتوسيكل وهذه ليست عدالة، لابد أنه قال لنفسه: لماذا أتوقف عند الإشارة ولماذا أصلاً لا أسير في الاتجاه المخالف؟ أليس هذا ما كان يفعله البهوات الذين كان يقف لهم المرور عندما يمرون بسياراتهم؟ هل مبارك اللص وعصابته أفضل مني؟ وما الذي يحدث إذا تخطيت قواعد المرور؟ هل يفسد الكون؟ لماذا لا أقطع المرور أو خط السكة الحديد؟ أو أهاجم مديري في العمل بل

وأضربه لأنه يتقاضي أضعاف ما أقبضه عشرين مرة؟ ولماذا لا آخذ حتي ممن هو أفقر مني وهذا هو القانون منذ زمن بعيد؟ لماذا أضع لوحة أرقام علي الموتوسيكل الذي أركبه، هل مبارك أفضل مني؟ وبعد إعدامه بإذن واحد أحد هل سيكون من يأتي بعده أفضل مني؟ أليست هذه هي الديمقراطية التي يتحدثون عنها؟ أليس من حقي مسكناً مريحاً وسيارة وراتباً يكفيني أنا وأولادي الخمسة؟.. خمسة وخميسة في عين الحسود، أليس من حق ابني في المدرسة أن يختار من المدرسين من يفضله؟ وعندما يدخل الجامعة يختار رئيسها؟ أليست هذه هي الديمقراطية التي يتكلمون عنها؟ ولماذا لا أعطي صوتي في أية انتخابات لمن يدفع لي أكثر وكل المرشحين لن يفعلوا لي شيئاً إذا نجحوا بل سيأخذون كل شيء لهم ولأسرهم ومعارفهم؟ ألست علي حق؟ بالطبع، فهذا ما يفعله الجميع؟ والمثل يقول (اللي سبق أكل النبق) هي فرصتي الآن وإن لم أنتهزها في الحال لا أضمن ماذا يحدث في الغد.

أرجو ألا أكون قد أوجعت رأس القارئ بهذا الموقف العادي والمتكرر يومياً بأشكال كثيرة آلاف المرات في ربوع مصرنا الحبيبة، علي الأقل هو لا يتضمن سرقة أو قتلاً أو ذبحاً أو حرقاً أو هدماً، وها قد أخذ الشعب حقه وصار كل من يمشي علي أرضها مثل مبارك، وإن كنت أفتقد أغنية الثورة القديمة في الخمسينيات (مبروك ع الشعب.. خلاص السعد ح يبقي نصيبه).