رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الميكروباصات" إمبراطورية البلطجة والفوضى

عفاريت الأسفلت..
عفاريت الأسفلت.. مخالفات علي مدار الـ24 ساعة

غاب القانون فى الشارع المصرى.. فانفلت النظام المرورى.. وباتت العديد من الشوارع والميادين في قبضة البلطجية.. وضاعت الأرصفة..‏ وسعت عصابات من المسجلين الخطرين إلى الاستفادة من كل موقع للتعدى على الممتلكات العامة،

حتى أن شوارع القاهرة وكذلك ميادينها الرئيسية انتشرت فيها وسائل الانتقال العشوائية من فوضى وبلطجة وانتهاكات بالجملة، والقانون فى إجازة، والأجهزة المعنية «نائمة»، والبلطجة هى سيد الموقف، مما أعطى الفرصة لظهور الخارجين على القانون، وانتشار كل أنواع المخالفات فى الشارع المصرى!
«الوفد» قامت بعدة جولات لترصد بالكلمة والصورة حالة الفوضى والتسيب المنتشرة فى شوارع وميادين وأحياء القاهرة والجيزة والقليوبية، التى يدفع ثمنها المواطن البسيط محدود الدخل من دمه وأعصابه ووقته وماله، بعد ان شكل سائقو المركبات العشوائية مافيا عجزت الجهات المعنية بالمحافظات عن التصدى لها، بعد ان فرضوا سطوتهم على الركاب.
سائقو التكاتك وجدناهم أطفالا دون سن العاشرة يعملون تحت سمع وبصر رجال المرور ويقودون مركبات عشوائية لا تحمل أرقام لوحات أو تراخيص ويجوبون الشوارع والميادين ليلاً ونهاراً، ينحرفون يميناً ويساراً عرض الشارع أشبه بالأكروبات فى محاولة للهروب من الزحام المرورى، فى أحياء عديدة ومنها فيصل والعمرانية، وذلك دون مراعاة للعواقب، مما ينتج عنه يومياً تكدس واختناق مستمر على الكبارى والطرق الرئيسية والفرعية، ويعرضون حياة المارة للخطر.
كما انتشرت المواقف العشوائية والميكروباصات وسائقوها يرتعون ويعبثون فى الشوارع والطرق ومخالفتهم بالجملة من إثارة فوضى وبلطجة وفوضى واستغلالا وتسيباً وابتزازا وزحاماً وانفلاتا وتلاعباً بالأرواح وارتكابا لآلاف المخالفات، وفى مقابل ذلك تتوقف حركة المرور هناك، ورجال المرور تركوا لهم الحبل على الغارب.
ورغم الحملات المرورية المتكررة التى تقوم بها الجهات المعنية، إلا أن ميدان المؤسسة بشبرا الخيمة، يظل أكثر تعقيداً وفي شبه توقف لحركة المرور، بسبب زحام وتكدس الركاب ومضاعفة الأجرة والتلاعب بالأرواح، ناهيك عن السباب والألفاظ القبيحة من سائقى الميكروباص ومشاجراتهم التى لا تتوقف مع الركاب، سواء الميكروباصات المتجهة إلى بيجام ومنطي، أو المتجهة إلى الشارع الجديد وقهوة شرف.. فلا يحترمون مسناً أو صغيراً.. رجلاً أو سيدة.
ونفس الصورة تتكرر في نفق الهرم، بجوار الشركة الشرقية للدخان، إذ لاحظنا الميكروباصات التى تشبه علبة السردين المغلقة من تكدس المواطنين داخلها، تعمها الفوضى والعشوائية والوقوف صفاً ثانياً وثالثاً لتحميل الركاب، وان كان عدد الميكروباصات لا يكفى عشرات الركاب، الذين يقفون فى طوابير يتزاحمون ويتخانقون على أبواب الميكروباصات وسائقو التاكسيات يتفاوضون مع الركاب على الأجرة المضاعفة بدون رقابة، ولا وجود فى المنطقة لرجال المرور. وكذلك الحال فى شارع السودان المتفرع من شارع الجامعة.
وفى شارع وزارة الزراعة تظهر عشوائية الميكروباصات المتجهة إلى مناطق بولاق والجيزة، ويترك الشارع «سداح مداح» بدون أمن أو رقابة. وأمام جامعة القاهرة، تحول المكان الي فوضي عارمة حيث سائقو الميكروباصات المتجهة إلى كوبرى الجامعة.. ورجال المرور تركوا لهم الحبل علي الغارب.
وفى ميدان الجيزة لاحظنا تجسيدا واضحا للصورة السيئة للميكروباصات، التى ترتكب آلاف المخالفات يومياً، خاصة المتجهة إلى مشعل الهرم وفيصل أو الميكروباصات المتجهة إلى أكتوبر وبولاق والفيوم، من إثارة الفوضى والبلطجة وعدم احترام القانون واللامبالاة ووقوف الميكروباصات فى منتصف الشارع لتحميل الركاب، كما لاحظنا غياب رجال المرور، ومن ثم احتل الميكروباص الشوارع وأرصفة المشاة.
ولا يختلف المشهد الفوضوى عما شاهدناه بميدان رمسيس الذى يعد أكبر ميادين مصر، سواء المتجهة إلى إمبابة وميدان عبدالمنعم رياض أو المتجهة إلى مناطق العباسية وموقف العاشر ومدينة نصر، أو الأزهر والعتبة.. فالسائقون يعبثون في الطرق بلطجة وفوضي واستغلالا، وفي مقابل ذلك تتوقف حركة المرور هناك. ويصبح المواطنون هم الضحية حيث يفرض السائقون شروطهم بالنسبة للأجرة وخط السير.
والصورة ذاتها تتكرر عند مخارج محطة العتبة، حيث شاهدنا سيارات السوزوكى «الڤان» تنتشر فى اتجاهات متعددة لتحميل الركاب، سواء المتجهة إلى الحسين وحديقة الأزهر، أو المتجهة إلى منشية ناصر والدويقة، ويقوم سائقوها بمضاعفة الأجرة على الركاب، وفى المقابل تقوم عصابات الكارتة بتحصيل مبلغ «1 جنيه» عن كل دور يتم تحميله فى حمايتهم من أمام المحطة، فى ظل غياب الرقابة، والتطبيق الحازم لقانون المرور الجديد.
أما مافيا الجراچات فيقومون بتحصيل إتاوات يومياً «5 جنيهات» من كل سيارة، حتى أصبحت الأرصفة والشوارع تحت احتلال عصابات الجراجات، الذين حولوا العقارات الموجودة فى أماكن عدة ومنها شارع الموسكى، إلى جراجات تعمل بشكل غير قانونى، ولاحظنا حجم الفوضى والزحام المرورى بوقوف السيارات صفاً ثانياً وثالثاً للانتظار لفترة طويلة، ناهيك عن البلطجة والألفاظ البذيئة وعدم احترام القانون.
كما شاهدنا سيارات نصف نقل تسير بدون لوحات أرقام يتزاحم داخلها الركاب سواء بالوقوف المؤلم لحين أن يأتى ميعاد النزول أو الجلوس على دكة خشب بطول المركبة، لكنها فى الحالتين هى وسيلة غير آدمية تقوم بالتجول داخل شوارع منشية ناصر والدويقة فى غيبة الرقابة والقانون.

وسائل غير آدمية
ويعلق على الأزمة، اللواء فوزى حسن، الخبير المرورى ومساعد وزير الداخلية سابقاً مؤكدا أن جمهورية الميكروباص باتت أكثر خطورة مما يتوقع أى شخص من حيث الفوضى والعشوائية التي أصبحت عنوان معظم الميادين والشوارع، إضافة إلى تكدس الركاب، مما يعرض المواطنين للموت، وبالتالى أصبحت بحاجة إلى إعادة تنظيم، فهناك عقبات تواجه ضباط المرور فى الشارع ومنها تقسيم خطوط السير إلى ثلاث أو أربع محطات، وزيادة الأجرة، فضلاً عن إثارة الفوضي والبلطجة والتلاعب بالأرواح، والوقوف فى منتصف نهر الشارع لتحميل الركاب، وتغيير المسار فى الشوارع الجانبية.. وخلافه.
وأشار إلى ضرورة تطبيق نصوص قانون المرور الجديد بحسم وحزم، ضد من يخالف آداب المرور، مع أهمية الفحص الدورى للمركبات خاصة القديمة، إضافة إلى ضرورة وجود كيان مستقل تتواجد به كوادر مرورية وفنية على مستوى عال من الفكر التخطيطي لحل مشاكل المرور، وللقضاء علي الاختناقات المرورية ومواجهة الزحام والشغب.
وطالب الخبير المرورى الدولة بضرورة توفير وسائل مواصلات النقل الجماعي المكيفة فى الميادين العامة بمزايا محددة، وأن تكون كريمة وإنسانية بشكل يسمح بوجود أماكن للجلوس لكل الركاب، وأن تكون سعر التذكرة مناسبة وفى متناول يد الجميع، مع أهمية إتاحتها فى مواقف عامة للركوب بصفة دائمة كما يحدث في دول العالم المتقدم.
مؤكداً أنه بمرور الوقت سيختفى الزحام والاختناق المرورى، ومن ثم يطمئن كل مواطن على أسرته، وحفاظاً على كرامة المصريين من أن تهان داخل المركبات العشوائية، مما يصب فى صالح المواطن المصرى.

احترام القانون.. الحل الوحيد
فى هذا الصدد، يؤكد اللواء طلعت سعفان، مدير تراخيص محافظة الجيزة، أن هناك جهوداً تبذل لتحقيق أمن الشارع، وانسياب الحركة المرورية بالأسلوب اللائق، بما يمنع وقوع الحوادث، التى تعصف بأرواح البشر، فيما يسمى بنزيف الأسفلت، ويساعد على انتقال المواطنين بأمان.
وأضاف اللواء «سعفان» أن الهدف من الحملات المرورية هو ضبط الشارع المرورى وحث أفراد الجمهور

على الإلتزام بالسلوكيات الصحيحة واحترام مستخدمى الطريق للقواعد والأنظمة المرورية، التى وضعت للحفاظ على سلامة المجتمع.
مشيراً إلى أهمية اهتمام شرطة المرور بالقيام بإجراءات جدية، للقضاء على مشكلة فوضى المركبات العشوائية، خاصة أن هناك بعض السائقين يتحايلون على القانون، للهروب من الضرائب والتأمينات والمخالفات، داعيا في نفس الوقت الي دعم السائقين لأنهم التزموا بالمواقف واللوائح والتعليمات، لذا فمن حقهم على الدولة أن تحميهم.
ويناشد اللواء «سعفان» بضرورة إدخال أتوبيسات حديثة أشبه بالدول المتقدمة، لكل المواقف العامة، لكى يمكنها خدمة قلب القاهرة المرتبطة بالجامعات والمصالح الحكومية، وذلك للتخلص من مافيا الميكروباص وعصابات الكارتة المسيطرة على الشوارع والطرقات، كما أنها ستكون البديل الآمن للمواطنين عن هذه الوسائل العشوائية، رحمة بمعاناتهم اليومية، وبما يحقق الانضباط المرورى الكامل، لأن المسئولية هنا مشتركة بين الحكومة وما يصدر من سائقي المركبات العشوائية من أفعال مخالفة، خاصة أن الجهات الرسمية يقع عليها عبء البحث عن حلول للأزمات، التي يعانى منها المجتمع خاصة إمبراطورية المواصلات العشوائية.
فيما أكد سيد إبراهيم، رئيس حى بولاق الدكرور سابقاً: ضرورة تنظيم كافة وسائل النقل العشوائية مثل الميكروباص والمينى باص والتوك توك، على أن تكون تابعة للشركات التى تمولها الدولة، مع السماح للأفراد العاديين والمستثمرين فى قطاعى النقل والطرق، بالاشتراك تحت مظلة هذه الشركات، على أن تغطى جميع مناطق مصر، وتتاح فى جميع الأوقات بالتشغيل الملائم، طبقاً لخطط حركة مرورية، وتقع علي الشركة المسئوليات الجنائية، فى التأكد من جودة السيارات والسائقين، الذين يتولون نقل الركاب فى المسارات المختلفة.
وأشار إلى ضرورة صيانة سيارات الأهالى، لتكون بحالة جيدة وصديقة للبيئة وصيانتها الدورية، وإجراء الكشف الطبى على السائقين وإتباعهم لتعليمات المرور، بخلاف عمل مواقف للسيارات بجوار مواقف النقل الجماعى، حتى يتمكن مرتادو هذه المواقف من ركن سيارتهم، بما يقدم حلول فعلية لمشاكل الفوضى والزحام والانتظار، وتحقيق انسيابية مرورية أفضل.

سباقات وإتاوات
وعلى الجانب الآخر يصرخ المواطنون من الاستغلال والجشع ويحكى حازم عرفة، «موظف»، ومقيم فى العمرانية - عن استغلال أصحاب السوزوكى التى سببت غلاء الأجرة على حد قوله: السيارة السوزوكى تسع لـ7 ركاب، ولكن السائقين يستغلون احتياج الركاب ويفرضون عليهم أجرة مرتفعة، رغم ان من ينزل من الركاب يركب غيره، وعندما نناقشهم يتذرعون بارتفاع أسعار السولار.. فمعظمهم شباب لا يزيد أعمارهم علي 17 سنة، ويعبثون فى الطرق سباقات ومخالفات صارخة، فى ظل غياب رجال المرور.
والتقط أطراف الحديث عادل محمود، «عامل باليومية»، الذى قابلناه فى منطقة أرض اللواء، يقول: نحن نضطر للركوب فى ميكروباصات «خردة».. عمرها الافتراضى انتهى من زمن طويل، ومع هذا يقومون بتشغيلها.. ولا مفر من استخدامها حتى لا نتعطل عن موعد عملنا، ولكن للأسف لم تعد هناك رقابة من الجهات المسئولة عن حركة المرور فى الشارع، لكى تحمينا من المعاملة السيئة التى نتعرض لها من السائقين، والتى تصل إلى حد السباب والخناقات اليومية فى حالة الاعتراض على رفع تعريفة الركوب أو تقسيم مسافات خط السير.. ومع هذا نجد أنفسنا فى حاجة إليها لعدم توافر وسائل مواصلات رسمية بشكل كاف ومستمر.
ويتفق معه فى الرأى خلف أحمد، أب لـ «4 أولاد»، ومقيم فى بولاق الدكرور.. قابلناه فى منطقة الدقي. مضيفاً أن عددا كبيرا من المواطنين يصطفون على أرصفة المواقف فى انتظار أى سيارة، ولكن السائقين يسيروا على مزاجهم ويقسموا الطريق لمضاعفة الأجرة، فأنا يومياً أركب من موقف بولاق الميكروباصات المتجهة إلى المنيب، لكن السائق يجبرنا علي دفع أجرة مضاعفة مستغلا ظروف الركاب.. وغالبية هؤلاء السائقين مسجلون خطر وكثيراً ما نشاهدهم يتعاطون المخدرات علناً أثناء القيادة، بخلاف أن معظم سيارات الميكروباص تعمل بدون لوحات معدنية دون حسيب أو رقيب عليها.
ويضيف حسن عبود، أب لـ 3 أولاد، «عامل باليومية»: نحن نخشى من السائقين بسبب السرعة الجنونية كما أن الكثير من سائقي الميكروباصات بلا رخصة قيادة.. ولا يستخدمون حزام الأمان أثناء قيادة المركبة، كما أن معظم مركبات الآجرة لوحاتها المعدنية وهمية، خاصة فى المناطق الشعبية البعيدة عن أعين الرقابة المرورية والمحرومة من المواصلات الحكومية.
والتقطت أطراف الحديث هبة سلامة، طالبة فى الجامعة العمالية، قائلة: أنا بدفع الأجرة 3 مرات من مسكنى فى الجيزة، حتى أصل إلى جامعتى بميدان الحلبى بالدراسة، حيث تصل الأجرة إلى 5 جنيهات وهى فى الأصل 2.50 جنيه، والحكومة لم ترحمنا بتوفير وسائل مواصلات تابعة لهيئة النقل العام، حتي لا يضطر المواطنون إلى اللجوء لهذه المركبات العشوائية.