كلام فى الهوا
كل شىء يمضى إلى الخلف ويصبح من الماضى بأسرع مما نتصور، تمر الأيام والشهور والأعوام والقرون وتمضى معه أحلامنا ونجد أنفسنا أمام حقيقة قائمة وهى «الشيخوخة». فالتجاعيد التى فى وجهك والشعر الأبيض وساقك التى لا تقوى على حمل جسدك خطوة واحدة للأمام والشىء نفسه عينيك لا تقدران على التمييز بين ما هو قريب منها، والعمر يمر وأنت فى إنتظار تحقيق الحلم، ولكنك لم تستطيع أن تنتبه إلى أنك كنت محاصراً بين الليل والنهار.. بين الحركة والسكون.. بين قوتك التى تستطيع أن تحصل بها على كل شىء وبذلك تمر السنين وأنت واقف مكانك، وتسأل الماضى عن شبابك وأيامك الخضراء، فالماضى هو أنت قبل أن تصبح هذا العجوز الذى لا يستطيع استعادة مكانته وكل الذى لديك ذكريات لا يبقى منها غير هجائك للأيام التى مرت، ويقول عن ذلك ابن عبد ربه الأندلسى فى كتابه «العقد الفريد».. «لا يكون الذم من الرعية لراعيها إلا لأحد ثلاث... كريم قصر به عن قدره فاحتمل لذلك ضغنا.. أو لئيم بلغ به ما لا يستحق فأورثه ذلك بطراً.. أو رجل منع حظه من الإنصاف فشكا تفريطاً».