رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نولد ونحن نظن أن السعادة هدية تنتظرنا خارج أنفسنا في شخص ما، أو فرصة ما، أو حدث مفاجئ ؛ ثم تمر بنا السنوات فنكتشف أن أجمل أشكال السعادة لم تُمنح لنا، بل صُنعت داخلنا دون أن يلحظ أحد ذلك، لأن السعادة ليست نتيجة اكتمال الظروف، بل نتيجة نضج الروح، وهدوء القلب، وتصالح الإنسان مع نفسه. 
هناك من يسعى خلف السعادة كما لو كانت نقطة بعيدة على خط الأفق ، كلما اقترب منها وجدها تبتعد خطوة. هؤلاء يعيشون وهما ً مؤلما ً؛ أن السعادة مرتبطة بما ينقصهم، لا بما لديهم، بينما الإنسان الذي يبدأ رحلة السعادة من داخله يدرك شيئا ً بسيطا ً للغاية؛ أن الامتنان يجعل القليل كثيرا ً، وأن القناعة تمنح الأشياء الصغيرة قيمة عظيمة.
أحيانا ً نكون نحن أكبر أعداء سعادتنا؛ نقسو على أنفسنا حين نقارنها بالآخرين، نحملها فوق طاقتها، ونلومها على أخطائها القديمة، وحين نتصالح مع النفس، نغفر لها، ونسمح لها بأن تتنفس لتبدأ أولى شرارات السعادة في الظهور. 
السعادة ليست دائما ً في الضحكات العالية، بل أحيانا ً في هدوء الصدر، وصفاء الذهن، وشعور خفيف بالطمأنينة لا يستطيع أحد أن يراه لكنه يسكن أعماقنا.
السعادة تبدأ حين نتوقف عن انتظارها من الآخرين ، الذين يظنون أن شخصا ً ما سيجعلهم سعداء، يُصابون بخيبة متكررة، لأن السعادة التي تعتمد على الخارج هشة، تتأثر بالمزاجيات، والتغيرات، والغياب. أما السعادة التي تُزرع داخل الروح، وتُروى بالوعي، وتُحرس بالرضا، فهي لا تزول مهما تبدلت الظروف.
هكذا نكتشف أن السعادة ليست حدثا ً كبيرا ً ، بل تفاصيل صغيرة ؛؛ كوب قهوة هادئ، لحظة شروق، كلمة لطيفة من قلب صادق، لحظة إنجاز مهما كان بسيطا ً، رائحة المطر الأولى، أو حتى القدرة على الجلوس مع الذات دون صراع، فالسعادة ليست وعدا ً مستقبليا ً، بل تجربة حاضرة.
وفي نهاية المطاف، نفهم أن السعادة الحقيقية ليست أن نحصل على كل شيء، بل أن لا نكون عبيدا ً لأي شيء؛ لا لشهوة، ولا لخوف، ولا لماضٍ يحبسنا، ولا لتوقعات الآخرين، السعادة سلام داخلي، نصل إليه حين نتوقف عن مطاردة الحياة، ونبدأ في عيشها.
السعادة ليست مكانا ً نصل إليه، بل طريقة حياة نختارها مرة بعد مرة، حتى تصبح عادة، ثم تصبح طبيعة، ثم تصبح جزءا ً من هويتنا .. فنحن لا نجد السعادة، بل نصبح نحن السعادة.