حكم الطلاق عبر الرسائل الإلكترونية.. هل يقع الطلاق بالكتابة؟
وضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي بشأن مسألة جدلية تتعلق بالطلاق في عصر التواصل الرقمي، وتحديدًا ما إذا كان كتابة الزوج لكلمة "طلاق" في رسالة إلكترونية — مثل رسائل SMS أو واتساب أو البريد الإلكتروني — يُعد طلاقًا شرعيًا.
هل الطلاق يُنْطق بالكتابة؟ وما حكم الكتابة الإلكترونية؟
أكدت دار الإفتاء أن الكتابة تُعد وسيلة معتبرة من وسائل الطلاق عند الفقهاء، فهي لا تقتصر فقط على كتابة على الورق، بل تشمل كل أشكال الكتابة الرقمية المعروفة اليوم (الرسائل النصية، الواتساب، البريد الإلكتروني).
وتعتمد شرعية الكتابة الإلكترونية في هذا السياق على قانون التوقيع الإلكتروني (قانون رقم 15 لسنة 2004 وتعديلاته)، الذي يُقر الكتابة الإلكترونية باعتبارها محرّرًا إذا توافرت شروط تقنية وفنية محدّدة.
حالات وقوع الطلاق بالكتابة
تنقسم كتابة الطلاق إلى حالتين كبيرتين عند الفقهاء:
كتابة غير مستبينة: مثل الكتابة "في الهواء" أو الماء، أو ما لا يبقى أثره؛ فهذه لا تُعتبر كتابة صحيحة لوجود الطلاق لأنها لا تُثبت، ويُرجع الفقهاء أن مثل هذه الكتابة لا تقع فيها الطلاق.
كتابة مستبينة (واضحة في حروفها وبقائها): إن كانت موجهة للزوجة أو مقصودة بها طلاقًا، فهنا يعتمد الحكم على نية الزوج وقت الكتابة:
إذا نوى الطلاق فعليًا عند إرسال الرسالة؛ يُحكم بوقوع الطلاق.
إذا كتب الكلمة لكنه لم يكن يقصد الطلاق (ربما كان يُجرب القلم أو يُغمز بها للزوجة دون إرادة إنهاء العلاقة)، لا يقع الطلاق.
كما يجب أن يكون مقصد الزوج من الرسالة إنشاء طلاقٍ في الحال، لا الإخبار بطلاق سابق أو مجرد تهديد.
شروط وقوع الطلاق الإلكتروني
لتكون الرسالة المكتوبة عبر الوسائل الرقمية مُعتدًّا بها شرعًا كطلاق، يجب أن تتوافر عدة شروط أساسية:
أن يكون الزوج كاتب الرسالة شخصيًا، وليس شخصًا آخر يدّعي اسمه.
أن ترسل الرسالة إلى الزوجة (أو إلى من يضمن توصيلها لها) بقصد أن تصلها الكلمة.
أن تكون الكلمات المكتوبة صريحة في الطلاق، وليست عبارة غامضة أو مبتورة.
وجود نية حقيقية لدى الزوج أثناء الكتابة لإيقاع الطلاق، وليس نية مختلفة مثل التهديد أو التذمّر.
أن تكون الكتابة قابلة للاعتداد التقني: أي أنها تُخزن بطريقة تؤكد توقيتها ومنشئها، وفق ضوابط قانون التوقيع الإلكتروني (مثل التحقق من وقت إنشاء الرسالة، والمصدر، وعدم التلاعب بها).
ماذا لو لم تُستوفَ الضوابط التقنية؟
إذا لم تتوفر الشروط التقنية المنصوص عليها في قانون التوقيع الإلكتروني (مثل تحديد الوقت، والتاريخ، والتأكد من منشئ الرسالة)، فإن دار الإفتاء ترى أن ما يُكتب في الرسالة قد يُحوَّل حكمه إلى "غير طلاق" في بعض الحالات:
ربما يكون الطلاق مجرد تهديد بالرسالة وليس قضاء فعلي وإنشاء عقد الطلاق.
قد يكون نابعًا من غضب مؤقت، أو موقف مزاح، أو ردة فعل عاطفية دون نية حقيقية لإنهاء العلاقة الزوجية.
أو يكون الغرض من الرسالة الإخبار بطلاق سابق وليس إنشاء طلاق الآن.
أهمية التحقق والنية
تُشدد دار الإفتاء على أن نية الزوج وقت كتابة رسالة الطلاق هي العامل الحاسم في الحكم الشرعي. فالكتابة وحدها لا تكفي؛ بل يجب التأكد من أن قصدها هو إنهاء العقد فعليًا، هذا المعيار يَرِد كثيرًا في فقه الشافعية والحنابلة، الذين يرون أن الطلاق بالكلام أو الكتابة المحتملة يجب أن يُعتمد عليه إذا ترافق مع النية.