خط أحمر
قرأت تصريحًا على لسان رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو، فتذكرت ما قاله عبد الرحمن شلقم، وزير خارجية ليبيا الأسبق، فى مذكراته الصادرة عن دار الفرجانى فى طرابلس العاصمة.
أما التصريح الذى نقلته وكالة أنباء الأناضول فيقول فيه الرئيس مادورو، إن التحرش السياسى وربما العسكرى الذى تمارسه الولايات المتحدة مع بلاده، إنما يرجع إلى أن فنزويلا تملك أكبر احتياطى من النفط فى العالم.
وقد راح مادورو يُحصى ما تملكه فنزويلا من الثروات الطبيعية، فقال إن احتياطى النفط فى باطن أرضها يبلغ ٣٠٠ مليار برميل، وأنها تملك إلى جواره ٣٠ مليون هكتار من الأرض الصالحة للزراعة، ومعها ١٩٥ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى، وأن عدم القدرة على استغلال هذه الثروات، يرجع إلى ضعف البنية التحتية والعقوبات الاقتصادية الأمريكية على البلاد.
الأرقام التى ذكرها الرئيس الفنزويلى ضخمة للغاية، ومن ضخامتها فإن كثيرين قد لا يصدقونها، لولا أن وكالة الأنباء التى نقلتها وكالة كبيرة وذات مصداقية، ولولا أن الذى ذكرها هو رئيس فنزويلا شخصيًا باسمه، ولحمه، ودمه، وشحمه!
من الجائز أن تكون العقوبات الاقتصادية الأمريكية على فنزويلا سببًا من بين أسباب عدم إحساس الشعب الفنزويلى بعائد ثرواته فى حياته، ومن الوارد أن يكون ضعف البنية التحتية سببًا من بين الأسباب، ولكن المؤكد أن سببًا آخر يتقدم الأسباب، هو انتشار الفساد بصورة كبيرة جدًا، ولكن الرئيس مادورو لم يشأ طبعًا أن يتوقف عند هذا السبب أو حتى يذكره.
كان الوزير شلقم قد كتب فى مذكراته «سنواتى» صفحة أو أكثر قليلًا عن الرئيس الفنزويلى الأسبق هوجو تشافيز، وكان قد استوقفه أن تشافيز دخل فى معارك مع شركات النفط المحلية والدولية، وصدّر النفط والغاز بأسعار زهيدة إلى دول رآها حليفة أو صديقة.. فماذا كانت الحصيلة؟.. قال عبد الرحمن شلقم إن فنزويلا أصبحت تملك أكبر احتياطى من النفط فى باطن أرضها، وأكبر عدد من المواطنين التعساء فوق الأرض نفسها.
القصة كانت ولا تزال أن الدولة يمكن جدًا أن تكون غنية بكل الثروات، ولكن شعبها يبقى من أتعس الشعوب، لا لشىء، إلا لأن هذه الثروات تظل فى حاجة إلى يد رجل مثل «لى كوان يو» مؤسس سنغافورة لتتحول إلى عائدة فى واقع الناس. وإذا شئت فراجع تجربة كوان يو فى بلاده، بالمقارنة مع تجربة تشافيز فى فنزويلا، وليست فنزويلا فى النهاية سوى مجرد مثال بين الدول.