تعرف على الأسباب الحقيقية للأرق وقلة النوم
النوم .. يستيقظ الكثيرون في منتصف الليل، وتحديدًا عند الثالثة صباحًا، دون سبب واضح، ليجدوا أنفسهم عالقين بين محاولات العودة إلى النوم وتساؤلات لا تنتهي حول سبب هذا الاستيقاظ المفاجئ.
وبينما يعزو البعض الأمر إلى الأرق أو التوتر، يكشف خبير النوم العالمي الدكتور آندي جالبين من جامعة باركر في تكساس عن أسباب خفية وراء هذا الاضطراب الليلي يمكن التعامل معها بسهولة إن فُهمت بشكل صحيح.
يخلق التتبع المفرط للنوم قلقًا جديدًا
يشير الدكتور جالبين إلى أن الهوس بأجهزة تتبع النوم أصبح أحد أبرز أسباب الأرق الحديث. فبينما تهدف هذه الأجهزة إلى تحسين جودة النوم، فإنها تزرع القلق في نفوس المستخدمين عبر الأرقام والتقارير اليومية.
ويؤكد أن التركيز المفرط على معدلات النوم العميق أو مرحلة حركة العين السريعة يدفع البعض إلى القلق من عدم تحقيق “النوم المثالي”، مما يؤدي إلى ما يسمى بالأرق الناتج عن التتبع، أو “الأورثوسومنيا”.
ويضيف أن حتى الاختبارات السريرية المتقدمة مثل تخطيط النوم لا تقدم نتائج دقيقة بنسبة كاملة، مما يجعل الاعتماد على هذه الأجهزة سببًا إضافيًا لاضطراب النوم وليس علاجًا له.
يحفز البحث عن المتعة الدماغ على البقاء مستيقظًا
ينتقد جالبين الفكرة الشائعة التي تلقي باللوم على الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات، مؤكدًا أن السبب الحقيقي يكمن في التفاعل الذهني أثناء تصفح الهواتف أو مشاهدة الفيديوهات قبل النوم.
ولا يميز العقل بين النشاط الإلكتروني والعمل العقلي المكثف، إذ يدفع البحث المستمر عن محتوى جديد الدماغ إلى حالة من “الاستثارة المعرفية” التي تعيق الانتقال إلى مرحلة الاسترخاء. ويؤكد أن هذه الحالة تفسر الاستيقاظ المفاجئ بعد ثلاث أو أربع ساعات من النوم، حين يعود الجسم إلى النشاط بسبب بقاء الجهاز العصبي في وضع “القتال أو الهروب”.
تسرق عادة “تأجيل النوم” راحة الجسد والعقل
يوضح جالبين أن كثيرين يقعون ضحية ما يسمى “تأجيل النوم الانتقامي”، وهو السلوك الذي يدفع الأشخاص إلى السهر بدافع الرغبة في قضاء بعض الوقت لأنفسهم بعد يوم مزدحم. ويؤدي هذا التأخير المستمر إلى تقليص عدد ساعات النوم الفعلية وزيادة الإرهاق الذهني.
ويشير إلى أن التخلص من هذه العادة يبدأ بتحديد موعد صارم للنوم وإزالة جميع الأنشطة الجاذبة في غرفة النوم، وهو ما يساعد في الخلود للنوم قبل الموعد المعتاد بنحو 45 دقيقة.
يعيد فهم الإشارات الجسدية التوازن للنوم
يؤكد الدكتور جالبين أن النوم لا يمكن تحسينه بمجرد تطبيق النصائح التقليدية، بل بفهم العلاقة بين الجسد والعقل والتقنيات الحديثة. فالتعامل مع النوم كحالة بيولوجية متغيرة لا كمهمة قابلة للقياس هو الخطوة الأولى نحو استعادة التوازن الطبيعي. ويختم بالقول إن “الاستماع إلى احتياجات الجسم بدلاً من مطاردة الأرقام هو الطريق الحقيقي نحو ليلة نوم هادئة”.