عاجل
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

في كثير من الدول النامية (المعتمدة علي اقتصاد يقوم على نظام التمويل بالإقراض بفائدة ثابتة) تراكمت مشكلات تنموية وأزمات إقتصادية ومالية متكررة وركود من وقت لٱخر مما أدى في النهاية إلى تراجع مؤشرات التنمية الحقيقية وتراجع العدالة الإجتماعية وانتشار الفقر ومن ثم الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي بسبب تركز عوائد التنمية في أيادي شرائح محدودة في تلك المجتمعات النامية. ويُعدّ هذا النظام المصرفي القائم على الفائدة أحد العناصر الرئيسية التي عمّقت هذه الأزمات في الدول النامية بجانب سوء الإدارة السياسية والتنفيذية والفساد والجريمة المنظمة إلى جانب عوامل أخرى تختلف من دولة لأخرى من تلك الدول النامية المأزومة؛ بل إن هذا النظام يتسبب في فرص تنموية ضائعة حتي في الدول المتقدمة، حيث تحوّل التمويل البنكي من قوة نمو إلى عبء على الاقتصاد. لذلك، تبرز الحاجة إلى نموذج قائم على المشاركة بدل الفائدة أو ما يمكن أن نطلق عليه “اقتصاد بلا ربا”.

يُعتمد في العديد من البلدان النامية على التمويل بالدّين بفوائد عالية، مما يؤدي إلى أضرار متعددة يمكن سردها بتسلسل حدوثها على أرض الواقع وهي كالتالي :
١- ارتفاع تكاليف الإنتاج 
٢- وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات
٣- انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين 
٤- انخفاض الطلب الاستهلاكي على السلع والخدمات   
٥- وبالتالي الحد من التوسع في القطاعات  الصناعية والزراعية والخدمية والعقارية
٦-  تحول جزء من رؤوس الأموال نحو المضاربات والودائع بدلاً من الاستثمار في الاقتصاد التنموي الحقيقي.

وهذه المشكلة ليست محلية فقط، بل هي سمة مشتركة لدى أنظمة التمويل التي تسمح بالفائدة الثابتة كوسيلة ربح للنظام المصرفي.

وهنا يبرز الاقتصاد القائم على التمويل بالمشاركة بدلا من الإقراض بالفائدة والتي وجدت طريقها جزئيا وببطء في عدد من الدول المتقدمة، وبعض الدول الإسلامية، ونذكر في هذا الصدد الأمثلة الٱتية: 
في إيران، تمّ في 1983 سنّ قانون “النظام المصرفي بلا فائدة” الذي يمنع البنوك من التعامل بالفائدة التقليدية، لتصبح المعاملات تُنفّذ عبر عقود مشاركة.

وفي باكستان، أصدرت المحكمة الشرعية العليا قرارًا في 2022 يقضي بأن النظام المصرفي القائم على الفائدة “مخالف للشريعة” ويجب استبداله بنظام بلا فائدة بحلول عام 2027.

وفي دول غير مسلمة مثل جنوب أفريقيا، تمّ إدخال نظام التمويل بالمشاركة ضمن النظام المصرفي، مما يشير إلى أن نماذج “بلا ربا” يمكن أن تنجح حتى خارج البيئة التقليدية الإسلامية.


طرح تنفيذي مبدئي لحالة الاقتصاد المصري

وحتي تكون الرؤية محددة وعملية، سنعرض في السطور التالية مجموعة من الإجراءات المحددة لتجسيد كيفية تطبيق فكرة التمويل بالمشاركة علي النحو التالي : 
١- إصدار رؤية وخطوط إرشادية ومعايير لهذا النمط التمويلي الجديد تشرف علي وضعه  وتطبيقه وحدة مختصة بذلك في البنك المركزي بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث والخبراء وبعد مشورة الغرف التجارية والصناعية والمجتمع المدني والأحزاب والجهات المعنية الاخري، لضمان سلامة النظام منذ بدايته وبالتالي ضمان نجاح التجربة.

٢- ومقترح هنا تحويل نظام العمل في البنوك العاملة في مصر إلى ما يشبه صناديق الاستثمار التي تعمل علي تعبئة المدخرات وتوجهها ٱلاف المشروعات الإنتاجية والخدمية المربحة وفقا للحاجات التنموية المجتمع، مما يرفع العوائد لكل من المودع والبنك وبأقل مخاطرة ممكن نظرا لتنوع الاستثمارات بدلا من النظام الحالي الذي يجمع بين عيوب الاقراض بالفائدة وعيوب نظام المشاركة في عدد أقل من المشروعات مما يرفع من المخاطرة علي اقتصاديات القطاع المصرفي.

٣- إعادة هيكلة الديون والقروض الراهنة من خلال خطة انتقالية مدروسة يتم وضعها من جانب كافة الجهات الأكاديمية والاقتصادية التي أوصينا بمشاركتها في إعداد رؤية النظام التمويلي الجديد، بحيث تكون هذه الخطة الانتقالية متوافقة مع غايات الفلسفة الجديدة للتمويل، لتصبح البنوك مشاركة في الربح والخسارة بدلاً من التمويل بالإقراض بفائدة ثابتة.

٤- وفي مجال العقارات بالتحديد (الذي يمثل جزء رئيسي من الأزمة الاجتماعية والإقتصادية في مصر)، فإنه ينبغي إعادة ترتيب الأولويات ليصبح التمويل بالمشاركة موجها إلي تمويل إسكان البسطاء ومحدودي الدخل وليس التركيز علي إسكان القادرين (الذين لا يحتاجون إلي تمويل ... بعكس محدودي الدخل) كما هو الحال الآن في غياب أي معايير عقلانية عادلة.

ولا يساورني أدني شك في أنه بالمعايير الإقتصادية والمعايير الدينية لا أمل في إقتصاد يجعل المال في حد ذاته سلعة مولدة للدخل وليس مجرد أداة من أدوات اقتصاد تنموي يقوم علي إشباع حاجات الإنسان والمجتمع بشكل عادل ومستدام.

قال تعالي : (يمحق الله الربا .. ويربي الصدقات) صدق الله العظيم.

سياسي ونقابي مصري 
مستشار حكومي سابقا