رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

قضية ورأى

هالنى كيف انجرف يساريون ومثقفون نحو هاوية التعصب، فى أحداث قرية نزلة جلف بالمنيا، وهو انجراف يكشف أن من السهولة أن تعارض ومن الصعب أن تتحمل المسئولية.

المعارضة ليست مجرد عملية نقد أو اعتراض سطحى، وفيديو ومقال يجمع «شير» و«لايكات».. بل المفترض أنها بديل حقيقى للحكم، أى فن الإدارة، والتوفيق بين المصالح، والتعامل مع الحقائق القاسية.

وربما العودة القوية لحزب الوفد العودة الأولى فى السبعينيات، كان سببها أن الزعيم فؤاد سراج الدين، ورفيقه إبراهيم باشا فرج، مارسا تجربة الحكم والمعارضة ونجحا فيهما.

الأول كان وزيراً لثلاث حقائب وزارية فى حكومة 1942، هى الزراعة ثم الشئون الاجتماعية ثم الداخلية، وزعيماً للمعارضة الوفدية فى مجلس الشيوخ عام 1946 ثم وزيراً للمواصلات فى وزارة حسين سرى الائتلافية التى مهدت لانتخابات عام 1950، ثم وزيراً للداخلية حتى حريق القاهرة عام 1952.

أما الباشا إبراهيم فرج، تلميذ مصطفى النحاس فتدرج فى القضاء إلى أن أصبح مديراً للإدارة التشريعية بوزارة الداخلية، ثم مديراً للمستخدمين ومديراً للتفتيش فيها، وبعدها وزيراً للشئون البلدية والقروية فى حكومة 1950، وفى بعض الوقت وزيراً للخارجية بالنيابة، ووزيراً لشئون السودان.

كانت لغة المعارضة الوفدية، نقداً بناء، وليست حشداً وتجييشاً للجماهير ضد السلطة، وتصيداً لأخطائها.. فمن تداول مقاعد المعارضة والحكم، يدرك جيداً أن الشعب هو من سيدفع الفاتورة.. فاتورة الحكم وفاتورة المعارضة أيضاً.. فلا شىء مجانيًّا.

حتى الشهور الأخيرة من حياته، كان فؤاد سراج الدين، يتابع كل سطر يكتب فى جريدة «الوفد»، ويرسل ملاحظاته إلى رؤساء التحرير المتعاقبين على جريدة «الوفد»، مدققاً فى الأخبار والحوارات، لدرجة أنه ألزم رئيس تحرير بدفع قيمة مقال فى الصفحة الأولى، لأنه كان فى صيغة إعلان.

الكلمة أمانة، حتى لوكانت خلطاً بين التحرير والإعلان.

وفى كل بيانات الوفد، حال نشوب فتنة طائفية كانت كل كلمة بميزان، ولم يجرِ الحزب محاولة واحدة لتوريط الدولة فى مواجهة طائفية قد لا تنتهى قريباً أو بعيداً.. بل كان يسعى لرفع الوعى الوطنى وجمع الشمل، ونصرة المظلوم.

المهم.. وكما كان متوقعاً أن يتم إشعال النار فى مصر بعد فشل إسرائيل فى تهجير الفلسطينيين، ووفق روايات الأهالى فى المنيا وتقارير صحفية، أغمى على فتاة مسلمة ( قاصر) داخل محل تجارى بملكية أسرة مسيحية، فنشبت نار الفتنة بين اتهامات باختطاف، وأخرى عن قصة حب بين الشاب نجل صاحب المحل ( قاصر) والفتاة، وثالثة عن أن الشاب نقل الفتاة إلى منزله فى محاولة لمساعدتها.. وباقى الأحداث نعرفها.

وكما يحدث فى كل ريف مصر تم عقد جلسة عرفية، حضرها الطرفان، وانتهت إلى مغادرة الأسرة المسيحية القرية وتغريمها مليون جنيه.

ومن يتابع المجالس العرفية، سيدرك أنها أقرب طريق للحل فى مجتمعاتنا، وأنها تضمن توافقاً على الحل وربما لا تضمن تحقيق العدل الكامل.. لكنها فى النهاية ليست اضطهاداً موجهاً ضد أحد لصالح أحد.. وكل طرف يأتى بمحكمين وشهود.

وفى القرية نفسها وقبل سنوات، نشأت علاقة حب بين شاب مسلم وفتاة مسيحية، انتهت بجلسة عرفية أقرت ترك الشاب المسلم للقرية وبيع الأسرة منزلها، لتستقر فى بلد آخر.. دون أن تكون هناك اتهامات بمحاباة الأسرة المسيحية.

الحكاية ببساطة، أن الأهالى مسلمون ومسيحيون اتفقوا على إبعاد كل من يتسبب فى مشكلة بصرف النظر عن ديانته.

لكن أقسى ما قرأته هو اتهام بعض المعارضين للسلطة بأنها «ترسخ الامتيازات الطائفية، وتستدعى العصبيات القديمة كأداة للضبط والسيطرة».

هذه ليست معارضة، وإنما محاولات لإشعال نار الفتنة، التى لن تحرق السلطة وحدها.. بل ستحرقنا جميعاً مسيحيين ومسلمين.. هذه معارضة ليست من أجل مصر، وإنما من أجل أعداء مصر.

وهذا هو الفارق بين معارضة الوفد و«المعارضة بالإكراه».

حفظ الله مصر