رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

 

يُروَّج في بعض الدوائر السياسية والإعلامية لما يُعرف مجازًا بـ «قانون ترامب» أو سياساته المقترنة باسمه بأنها إصلاحات "كبرى وجميلة" تقلب موازين الاقتصاد والسياسة لصالح المواطن الأمريكي، لكن القراءة المتأنية تكشف لنا بوضوح أن هذا الوصف يحمل قدرًا من المبالغة وربما التضليل. ما هي أبرز بنود هذا القانون؟

يشمل هذا القانون "خفض ضريبة الشركات" من ٢٥٪ إلى ٢١٪، وإلغاء "ضرائب على الإكراميات" في جميع القطاعات، وزيادة "إنفاق الدفاع" بـ ١٥٠ مليار دولار، وتمويل "أمن الحدود" بـ ٧٠ مليار دولار، وتقليص "دعم الرعاية الصحية": من خلال خفض أكثر من ٧٠٠ مليار دولار من "ميديكيد".

أول ما يلفت النظر هو أن ما يُسمى بـ «قانون ترامب الكبير والجميل» لم يأتِ في سياق مشروع شامل للإصلاح البنيوي، بل جاء في صورة تعديلات ضريبية وإجراءات سريعة تخدم مصالح محددة: تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات الكبرى والأثرياء تحت شعار «تحفيز الاستثمار» و«خلق الوظائف». لكن الواقع أظهر أن الجزء الأكبر من هذه الأرباح لم يُعاد استثماره في الاقتصاد الحقيقي، بل تم توجيهه لإعادة شراء الأسهم، ما عزز ثروات المساهمين والمديرين التنفيذيين بدلًا من تحسين حياة الشرائح الأوسع من المجتمع.
من الناحية الاقتصادية، لم يكن القانون «كبيرًا» بالمفهوم العميق للكلمة؛ أي لم يُحدث تحوّلًا نوعيًا في بنية الاقتصاد الأمريكي، بل عمّق الاختلالات القائمة، وساهم في زيادة العجز المالي للولايات المتحدة إلى مستويات قياسية.

أما من الناحية الجمالية، بمعناها الأخلاقي والسياسي، فلم يكن القانون «جميلًا». الجمال في السياسة لا يقاس بالشعارات الرنانة، بل بمدى تحقيق العدالة، والتوازن، والاستقرار، والاستدامة. وهنا تحديدًا أخفق القانون؛ إذ افتقر إلى العدالة الضريبية، وجاء محملًا بفلسفة ضيقة ترى في السوق وحده مفتاح الخلاص، متجاهلًا المسؤولية الاجتماعية للدولة تجاه مواطنيها الأقل حظًا.

بعيدًا عن العناوين المضلِّلة حول النمو والفرص، ظهرت آثار عميقة سلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أبرزها:
١- تفاقم التفاوت الطبقي: إذ استفاد الأثرياء بشكل رئيسي، بينما تضرر محدودو الدخل عبر تقليص الخدمات.
٢- العجز المالي: ارتفع الدين الفيدرالي نتيجة فقدان الخزانة العامة لموارد ضخمة من الضرائب دون تعويض كافٍ من النمو الحقيقي.
٣- تراجع الاستثمار في البنية التحتية: بسبب تحويل الموارد من الإنفاق العام إلى الإعفاءات الضريبية.
٤- إضعاف العدالة الاجتماعية: حيث فقدت السياسات جانبها التوازني الذي يقي الفئات الضعيفة من السقوط تحت خط الفقر المدقع.

في النهاية، لم يكن «قانون ترامب» كبيرًا لأنه لم يُؤسس لرؤية اقتصادية عادلة وشاملة، ولم يكن جميلًا لأنه تجاهل إنسانية السياسة الاجتماعية، وأطاح بقيم التضامن المجتمعي لصالح مصالح نخبوية قصيرة المدى. حيث أظهرت التجربة أن تقليص الرعاية الصحية والغذائية لا يؤدي إلى اقتصاد أقوى، بل إلى مجتمع أكثر فقرًا، وأقل استقرارًا.