مجلس حكماء المسلمين يشارك في مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية
شارك مجلس حكماء المسلمين في أعمال الدورة السادسة عشرة لمؤتمر منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، المنعقدة في مدينة جنيف تحت عنوان «الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة»، خلال الفترة من 20 إلى 23 أكتوبر الجاري، بمشاركة واسعةٍ من الخبراء والمسؤولين وممثِّلي المؤسسات الدوليَّة من مختلف أنحاء العالم.
وخلال كلمته في الجلسة التي حملت عنوان «تسخير الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية الشاملة والمستدامة»، أكَّد سعادة المستشار محمد عبد السلام، أنَّ الذكاء الاصطناعي ليس مجرد قضيَّة علميَّة أو اقتصاديَّة، بل قضيَّة أخلاقية وإنسانية تمسُّ جوهر الوجود الإنساني وكرامته، لافتًا إلى ضرورة أن تبقى التكنولوجيا في خدمة الإنسان لا على حسابه.

وأوضح أنَّ إدارة التحول الرقمي تتطلب تعاونًا صادقًا بين العلماء والفلاسفة ورجال الدين وصنَّاع القرار، لضمان أن تكون التكنولوجيا أداة لتعظيم الخير الإنساني، لا وسيلة لإعادة إنتاج التفاوت والهيمنة بين الشعوب، مشيرًا إلى أنَّ الدول النامية يمكنها الاستفادة من فرص الذكاء الاصطناعي عبر ثلاث إستراتيجيات رئيسيَّة، هي: الاستثمار في رأس المال البشري، وبناء بيئة ابتكار عادلة وشاملة، وإقامة شراكات دولية متوازنة تقوم على تبادل المعرفة والخبرات، وتعزِّز التنمية المشتركة في إطار من المسؤولية الإنسانية المتبادلة.
وأشاد في هذا السِّياق، بالدَّعم الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة للدول النامية، من خلال تأهيل البنية التحتية وتدريب الكفاءات الشَّابة لتمكينها من مواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة عالميًّا.
ودعا مجلس حكماء المسلمين إلى ضرورة تبنِّي حوكمة أخلاقية شاملة للذكاء الاصطناعي، تحقق التوازن بين حرية الابتكار وحماية الإنسان، عبر مفاهيم الابتكار المسؤول، والعدالة الرقمية، والشفافية والمساءلة، مؤكدًا أن «التقنية مهما بلغت لا تملك ضميرًا، ولا تعرف معنى الرَّحمة»، موضحًا أنَّ «الذكاء الاصطناعي ليس نهاية مسيرة الإنسان، بل مرحلة جديدة من رحلته نحو اكتشاف ذاته وقدراته»، وأنَّ «الذكاء وحده لا يكفي لبناء عالمٍ أفضل، ما لم يُوجَّه بروحٍ من الحكمة والإنسانيَّة».

وثيقة مشتركة حول أخلاقيَّات استخدام الذكاء الاصطناعي
واستعرض المستشار محمد عبد السلام مبادرة مجلس حكماء المسلمين بعنوان: «وثيقة مشتركة حول أخلاقيَّات استخدام الذكاء الاصطناعي»، التي يعمل عليها المجلس بالتعاون مع الأزهر الشريف والكرسي الرسولي في الفاتيكان، انطلاقًا من مسؤوليتهم الأخلاقيَّة والرُّوحيَّة في مواجهة التَّحديات التكنولوجيَّة الكبرى، بما يضمن بقاء الإنسان في قلب التحول الرقمي مع ترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة والمسؤولية في تطوير التكنولوجيا الحديثة.
واختتم بالتَّأكيد على أنَّ «التقدُّم بلا أخلاق هو ربح بلا هدف»، مشيرًا إلى أنَّ القادة الدينيين، وفي مقدِّمتهم الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لطالما أكَّدوا أنَّ التوازن الأخلاقي ليس عائقًا أمام التنمية، بل هو أحد أعمدتها الأساسية، وأضاف: «حين تُوجَّه مسيرة الابتكار بروح الأخوة الإنسانية والحكمة الأخلاقية، فإنَّ الذكاء الاصطناعي لن ينهض باقتصاداتنا فحسب، بل سيرتقي بكرامة الإنسان معها».