رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

أمازون تدخل عصر الأتمتة الشاملة: نصف مليون وظيفة مهددة بالاختفاء بحلول 2033

بوابة الوفد الإلكترونية

يبدو أن شركة أمازون تستعد لواحدة من أكبر التحولات الصناعية في تاريخها، إذ تشير تقارير جديدة إلى أن عملاق التجارة الإلكترونية يسير بخطى متسارعة نحو أتمتة شبه كاملة لمستودعاته وعمليات التوصيل، في خطة قد تُغير وجه العمل اللوجستي في العالم.

ووفقًا لتقرير موسّع نشرته صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن وثائق داخلية ومقابلات مع مسؤولين بالشركة، تسعى أمازون إلى مضاعفة مبيعاتها خلال السنوات الثماني المقبلة، لكنها تخطط لفعل ذلك دون زيادة في عدد موظفيها، بل عبر الاعتماد على جيش من الروبوتات الذكية. وتُقدّر الشركة أن هذا التحول قد يُجنّبها الحاجة لتوظيف نحو 600 ألف عامل جديد بحلول عام 2033.

وتُظهر الوثائق أن الهدف النهائي لقسم الروبوتات في أمازون هو أتمتة ما يصل إلى 75% من جميع عملياتها التشغيلية. وإذا نجحت الشركة في خفض عدد العاملين بمقدار 160 ألف موظف بحلول عام 2027 فقط، فإنها ستوفّر نحو 30 سنتًا في كل عملية تغليف أو توصيل للمنتجات داخل الولايات المتحدة، وهو ما قد يعني مليارات الدولارات من الأرباح الإضافية سنويًا.

احتفلت أمازون مؤخرًا بإطلاق الروبوت رقم مليون في منشآتها، وهو رقم ضخم يعكس مدى تسارع الشركة في التحول نحو التشغيل الآلي. ومنذ تقديم أول روبوت متنقل ذاتي التشغيل بالكامل في عام 2022، تستمر الشركة في توسيع أسطولها من الروبوتات القادرة على التنقل، والتعبئة، وإدارة المخزون دون تدخل بشري يُذكر.

لكن هذه الخطط الطموحة تأتي وسط مخاوف واسعة بشأن مصير مئات الآلاف من الوظائف. فبحسب تقرير "نيويورك تايمز"، تُدرك أمازون أن خطتها للأتمتة الشاملة قد تثير ردود فعل سلبية في المجتمعات التي تعتمد على وظائف الشركة كمصدر أساسي للدخل. ولتفادي الغضب المجتمعي، تقترح الوثائق الداخلية تنظيم فعاليات محلية تهدف إلى تعزيز صورة الشركة كمؤسسة "مواطنة صالحة"، وتقديم الدعم للمبادرات المجتمعية في المناطق المتضررة.

كما توصي الوثائق مديري الشركة بتجنب استخدام مصطلحات مثل "الأتمتة" و"الذكاء الاصطناعي" في خطاباتهم العامة، لما تحمله من دلالات تُثير القلق بشأن استبدال البشر بالروبوتات. وبدلًا من ذلك، تقترح استخدام مصطلحات أكثر "ودّية" مثل "التكنولوجيا المتقدمة" أو "الكفاءة التشغيلية". حتى مصطلح "cobot" – الذي يُشير إلى الروبوتات التعاونية – يتم التفكير في استبداله بكلمة "robot" لتجنب إيحاء العلاقة المتساوية بين الإنسان والآلة.

وفي تعليقها على التقرير، أصدرت أمازون بيانًا نفت فيه أن الخطط المسربة تمثل استراتيجيتها النهائية، مؤكدة أن الوثائق "غير مكتملة ولا تعبّر عن سياسات الشركة الرسمية". كما شددت على أن جهودها في دعم المجتمعات ليست مرتبطة بخطط الأتمتة، وأنها لا تفرض على مسؤوليها تجنب استخدام مصطلحات معينة.

وأضافت الشركة أنها ما زالت من أكبر جهات التوظيف في الولايات المتحدة، مشيرة إلى نيتها تعيين نحو 250 ألف موظف إضافي استعدادًا لموسم الأعياد القادم، لكنها لم تُوضح ما إذا كانت تلك الوظائف ستكون دائمة أم مؤقتة.

ويرى محللون أن توجه أمازون نحو الأتمتة ليس مفاجئًا، بل يمثل استمرارًا لمسار بدأ منذ أكثر من عقد، مع توسع الشركة في استخدام الروبوتات في مراكز الفرز والتغليف. ومع تطور الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية، بات بإمكان الآلات تنفيذ مهام معقدة كانت حكرًا على البشر، مثل انتقاء المنتجات الهشة أو التعامل مع الطلبات الخاصة.

غير أن النقاش الأوسع يبقى حول مستقبل العمالة في عصر الأتمتة، وما إذا كانت الشركات العملاقة مثل أمازون ستلتزم بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه العمال الذين قد تُغني الروبوتات عنهم. فبينما تسعى الشركة لتقليل تكاليفها وزيادة الكفاءة، يواجه العالم خطرًا حقيقيًا يتمثل في تقلص فرص العمل اليدوي بوتيرة أسرع من قدرة الاقتصادات على خلق بدائل جديدة.

تتجه أمازون إذن إلى مستقبل يعتمد على الروبوتات أكثر من البشر، في رحلة تكنولوجية طموحة تحمل وعودًا بالسرعة والكفاءة، لكنها تضع ملايين العاملين حول العالم أمام سؤال صعب: من سيبقى له مكان في سوق العمل حين تتولى الآلات زمام الأمور.