دراجة بخارية تقتطف أرواح شقيقين في المنيا
تتغير الكلمات إلى رثاءٍ، ويتحول الخبر إلى قصة تدمي القلوب، في قرية "الشيخ علاء" بمركز المنيا، حيث خيَّم ليلٌ ثقيلٌ من الحزن، وارتدت القرية ثوب السواد حداداً على زهرتين ذبلتا قبل الأوان.
كانت الحياة تبتسم لهما، "إسلام مؤمن سيد"، الشقيق الأكبر ذو السبعة والعشرين ربيعاً، سندا وعماداً، و"حسام مؤمن سيد"، الأصغر البالغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، فرحة وروحاً. يجمعهما الدم والمصير، ويفرقهما القدر في لحظة غادرة.
في ذلك اليوم، امتشقا دراجتهما النارية، كانت وسيلة عادية لتنقلاتهما، ولكنها تحولت إلى مركب الرحيل الأخير. انطلقا على طريق الشيخ علاء وقرية طحا، يسرعان الخطى خلف أحلامهما، دون أن يدركا أن الطريق يخبئ لهما فخاً مميتاً.
فجأة، ظهر أمامهما شبح "المطب الصناعي"، تلك العوائق التي نصبت على عجل لتنظيم السرعة، لكنها أصبحت هنا نقطة نهاية مأساوية. حاول الشقيقان تفاديه، كانت محاولة يائسة في ظل سرعة عالية لم تمنحهما الفرصة للنجاة.
في جزء من الثانية، اختل التوازن، كأن الأرض اهتزت من تحتهم، انقلبت الدراجة النارية بعنف، وقذف بهما القدر ليصطدما بقسوة عمود إنارة على جانب الطريق، شاهداً صامتاً على فجيعة اللحظة.ساد الصمت المفجع. انتهت كل محاولات النجاة. أسلم الشقيقان الروح في مكان الحادث، كانت ضربة القدر قاتلة، كشفت عنها تقارير الأطباء لاحقاً: كسور في الجمجمة ونزيف حاد في المخ، وفاة فورية، كأن السماء أرادت أن تختطفهما معاً في غمضة عين.
تلقى الرائد محمد العشيري إخطاراً بمصرعهما، وتحركت الإجراءات الرسمية، نُقل الجثمانان إلى مشرحة مستشفى الصدر، ليحتضن البرد ما تبقى من دفء حياتهما. أكد التقرير الطبي أنه لا شبهة جنائية، فقط قضاء وقدر أليم.
أما في "الشيخ علاء"، فالقلوب لا تحتاج إلى تقارير لتصدق الفاجعة. تجمعت نساء القرية يبكين، والرجال يتبادلون النظرات المثقلة بالحسرة. كيف لشابين في مقتبل العمر أن يرحلا معاً بهذه السرعة؟ أي قدر هذا الذي جمع بينهما في المهد واللحد؟
سيبقى طريق الشيخ علاء وقرية طحا يروي صدى الحادث، شاهداً على ألم لم ينساه قلب أب أو أم، وظل جرحاً غائراً في جسد القرية التي لا تزال تُشَيِّعُ زهورها.







