رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

«يا خبر»

بعد عامين من الحرب، توقف إطلاق النار فى غزة، وقيل أن الحرب انتهت بعودة من تبقى من الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس أحياء وأموات، المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المكونة من 20 بندا يمكننا القول أنها مرت بسلام، ونجحت فى وقف عمليات القتل واسعة النطاق وتأمين عودة الرهائن الإسرائيليين، صحيح مازال البحث جارى عن عدد من الجثث لكن مسألة عودتهم مجرد وقت، ولا أظنها ستكون نقطة خلاف مستقبلية، فى ظل وجود نقاط عالقة أخرى أكثر تعقيدا تجعلنا حتى الآن -وبرغم ما تحقق وكنا نعتبره حلم- فى حالة عدم يقين تام بأن القادم أهدأ، منها على سبيل الدقة مسألة بقاء حماس سياسيا، صحيح أنها أعلنت تخليها عن الدور الإدارى فى حكم غزة، لكنها باقية كفصيل سياسى هذا إلى جانب مسألة نزع سلاحها، كذلك لا يزال الصراع فى جوهره معلقا بعدم الحديث عن حل الدولتين والذى نراه هو الحل الحازم والقاطع لهذا الصراع طويل الأمد، كلها أمور معلقة بشكل خطير، وتتبقى نقطة من سيحكم غزة فى المراحل التالية؟ هل سيحكمها الفلسطينيون؟ أم سيحكمها أجانب؟ أم سيكون الفلسطينيون موجودون شكلا وبلا دور؟ أم ماذا؟، كلها نقاط عالقة تشبه الألغام تحتاج إلى تفكيك. 

على الجانب الآخر يبدو ما تبقى من غزة مجرد مساحات من الخراب لا تصلح للحياة، دُمر قرابة ثلاثة أرباع المبانى، لا بنى تحتية، لا ماء ولا كهرباء، كارثة إنسانية غير مسبوقة، أجبر السكان على النزوح بشكل شبه كامل، حوالى 1,9 مليون نسمة (أكثر من 90% من السكان) أجبروا على الفرار مرة واحدة على الأقل. 

عامان من الحرب لم تبق على بشر ولا حجر، قُتل قرابة السبعين ألف فلسطينى، معظمهم من المدنيين، ضمنهم أكثر من 18 ألف طفل، وفقا لتقديرات وزارة الصحة فى غزة، أكاد أجزم أنه لا توجد عائلة واحدة فى غزة ليس فيها فقيد، بل هناك عائلات أبيدت بأكملها واختفت من السجل المدنى. 

عودة إلى النقاط العالقة والسؤال: هل سيتم نزع سلاح حماس كما طالبت واشنطن بحسب خطة الرئيس ترامب؟ وإلا فالعواقب وخيمة، حماس اختارت بدلا من ذلك الموافقة على مجرد «تجميد» أسلحتها، وتأمل فى الحفاظ على دورها السياسى، مع العلم أنه لا يمكننا الجزم بأن قدرات حماس العسكرية قد فقدت بالكامل، وحتى مسألة تجميد أو تخزين السلاح هى أيضا إشكالية معقدة فعند من سيتم التجميد أو التخزين؟ وبأى آلية؟ وماذا لو أرادت حماس فك هذا التجميد؟ 

فيما يخص الحكم فى غزة فى المرحلة الانتقالية تفصل خطة الرئيس ترامب إدارة غزة عن حماس والسلطة الفلسطينية القائمة، -مؤقتا على الأقل- وتقر تشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراط مؤقتة لإدارة الخدمات العامة اليومية والشؤون البلدية، تعمل تحت إشراف مجلس سلام دولى يرأسه شخصيا الرئيس ترامب، وتدعمه شخصيات مثل تونى بلير، وبغض النظر عن أن هذا لم توافق عليه حماس ضمنا فى ردها بالقبول على خطة ترامب، فلا أظن أن هذا الشكل من الحكم سيكون مرضيا للفلسطينيين أنفسهم، لأنه يفرض شكلا من أشكال الوصاية الدولية، إن استبعاد السلطة الفلسطينية من الحكم المباشر يهدد بترسيخ الانقسام الفلسطينى. 

لا تزال هناك معضلة سياسية عميقة مصحوبة بمخاطر شديدة، فلا أحد يضمن عدم عودة إسرائيل للحرب بعدما عادت رهائنها، فقد تتذرع بأى حجة للتراجع عن المراحل اللاحقة التى تتطلب الانسحاب الكامل، وحماس من جانبها تسعى جاهدة للبقاء سياسيا مما يجعل نزع سلاحها أمر شبه مستحيل.

المعضلة الكبرى التى تواجه الصراع الفلسطينى الإسرائيلى بشكل عام وليس فقط خطة الرئيس ترامب هو ذلك المصطلح من كلمتين «الدولة الفلسطينية» أو «حل الدولتين» فتتجنب الخطة بشكل واضح ضمان إنشاء دولة فلسطينية، وهى النتيجة التى لطالما رفضها وحاربها نتنياهو مرارا وتكرارا وتفاخر بذلك، وفى هذه النقطة تحديدا اعتبرت خطة ترامب إقامة دولة فلسطينية مجرد «طموح»، قد يتحقق فقط إذا تم تنفيذ إعادة إعمار غزة، وإصلاح السلطة الفلسطينية. 

لا أظن أنه من العدل جعل إقامة دولة فلسطينية -وهو حق أصيل للشعب الفلسطينى صاحب الأرض- مشروط بمتطلبات الأمن التى تحددها إسرائيل.