رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

الناصية

فى عام 1945 كان معظم دول العالم خارجة من الحرب العالمية الثانية وتستعد لإعادة البناء.. بينما مصر كانت الدولة الوحيدة فى العالم التى تبدأ حربًا لم تنتهِ حتى الآن!

تخيلوا.. لو أن دولة بحجم مصر، بموقعها، وبإمكانياتها وبشعبها، بالإضافة إلى تاريخها الحضارى والثقافى والفنى.. لم تضطر إلى الدخول فى حروب متتالية لمدة 78 عامًا، ولا أن تكون على خط المواجهة مع عدو من سنة 1947 وحتى الآن.. كيف كان وضعها بين الأمم المتقدمة؟!

وللأسف كان توقيت دخول مصر فى حروب مثل 48 و56 و67 و73 من الأوقات السيئة.. ففى اللحظة التى كانت فيها شعوب ودول كثيرة فى أوروبا وآسيا تحاول النهوض والوقوف على أرجلها من دمار الحرب العالمية الثانية، وتنفض عنها غبار المعارك لتلحق بركب الحضارة والتقدم وتعيد بناء كل شىء.. كانت مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم تقريبا التى تبدأ حربًا جديدة فى فلسطين.. لم تتوقف حتى الآن!

نعم حتى الآن.. وقبل ساعات من اتفاق إنهاء الحرب فى غزة الأخير كانت وما زالت مصر تبذل جهودًا وأموالًا ووقتًا لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية مع إسرائيل، وكذلك إيجاد حلول للانقسام الفلسطينى الفلسطينى.. ومن قبل دفعت مصر من مستقبلها وتقدمها الكثير على مدى السنوات الماضية بسبب الانقسام العربى العربى.. وهو ما أدى إلى استنزاف طاقة وجهد مصر لمعالجة واحتواء مغامرات مثل غزو الكويت وغيرها!

وفى كل ذلك كانت مصر طرفًا أساسيا ورئيسيا، بل وأكثر الأطراف التى تبذل المال والدم وتضيع عليها عشرات الفرص المهدرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث كان يتشكل عالم جديد يسمح بنهوض الدول ومساعدتها على التقدم وكانت مصر أكثر الدول مرشحة إلى ذلك لكن للأسف قيادات ثورة يوليو 52 لم يستوعبوا اللحظة التاريخية المفصلية فى تاريخ العالم ومصر ودخلوا فى عداء مع العالم الجديد بنفس أساليب العداء مع العالم القديم!

إن دولًا مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، وسنغافورة الصين استغلوا هذه الفرصة وانطلقوا بعد التخلص من أعباء وويلات الحرب العالمية الثانية نحو النهضة الشاملة ببلادهم وشعوبهم.. وقامت أمريكا باعتبارها القوة العظمى الجديدة بمساعدة الدول التى تحالفت معها فى الحرب بمشروع مارشال عام 1948، بقيمة 13 مليار دولار، لترميم المدن، وإحياء الصناعة، ودفع عجلة الاقتصاد وهو نفس العام الذى بدأت مصر حروبها فى فلسطين!

وبدلًا من أن تحارب مصر فى ذلك الوقت على جبهات التعليم والاقتصاد والصناعة والبحث العلمى لتتقدم وتنهض من استعمار إنجليزى استمر 70 عامًا، ومن حكم ورثة الوالى محمد على الذين استنزفوا ثرواتها وجعلوها مديونة لقطاع طرق أوروبا من حكومات وبنوك، دخلت فى حرب تلو الحرب.. وعندما حققت انتصارها العظيم فى أكتوبر 73 وكان يجب أن تكون آخر الحروب، والبدء فى معارك على جبهات أخرى مثل التعليم والصحة والاقتصاد والصناعة والتجارة استمرت تتحمل مسؤولياتها العربية تجاه القضية الفلسطينية بينما أصحاب القضية استمروا يحاربون بعضهم البعض فترة، أو يحاربون إسرائيل بالوكالة عن دولة أخرى فترة.. وما بينهما يتذكرون مقاومة المحتل!

فمتى مصر تنتهى من فكر المقاومة والصمود والتصدى وحالة الحرب التى غرقنا فيها عشرات السنين ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. وتتعامل مع فكر مقاومة التخلف الحضارى والتعليمى والعلمى، وتعلو أصواتنا فى علوم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والتقنيات المتطورة.. فقد شبعنا لطم فى الجنائز وقلوبنا تكسرت على عجائزنا.. وعجزنا!

 

[email protected]