أبطال فى أول خط المواجهة
العقيد محيى الدين مصطفى بطل المدرعات يروى لحظات العبور : كنت قائد أول دبابة عبرت القناة.. أسرت دبابة ودمرت (٤) فى أولى لحظات العبور

أهالى سرابيوم قدموا لنا الطعام والشراب بالكرم المصرى قبل العبور للضفة الشرقية
فى كل شبر على أرض سيناء، كتب الأبطال من خير اجناد الأرض بطولة، وتضحية، تكتب بماء الذهب، عن هؤلاء الرجال الذين صنعوا نصر أكتوبر، الذى حطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وبأقل الإمكانيات وقف الله بجانبهم، لأنهم عرقوا فى التدريب وحرب الاستنزاف خلال ٦ سنوات، كانت من أصعب اللحظات التى مرت بالمصريين، وهم يتكبدون آثار الهزيمة، واحتلال أرضهم، ولكنهم وقفوا على أرجلهم، وبمساندة الشعب العظيم، تحدوا المستحيل، واستطاعوا أن يهزموا عدوهم شر هزيمة، مازالت تدرس فى كافة المعاهد العسكرية فى العالم، بعد أن لقنوا العدو الإسرائيلى دروس فى الفداء والتضحية، وانتزاع الحق، ٦ أكتوبر لم تكن حرب، بل ملحمة تم خوضها بكلمة سر «الله أكبر» لتكون مفتاح النصر العظيم، والتى زلزلت الأرض، وخلال ٦ ساعات فقط عبروا القناة، وحطموا خط بارليف، ورفعوا العلم المصرى على أرض سيناء الحبيبة، واليوم الوفد تنقل تفاصيل جديدة من بطل جديد كان فى أول خطوط المواجهة بعد العبور، واستطاع أسر أول دبابة إسرائيلية، وإعادتها إلى الضفة الغربية، واحتضنه فيها، الفريق الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة الذى كان على جبهة القتال بالضفة الغربية، وانتقل معهم للضفة الشرقية بعد العبور، إنه البطل المصرى عقيد محيى الدين مصطفى محمد صادق الذى شارك فى صنع النصر وكان ٦ أكتوبر بالنسبة له أهم يوم فى حياته، ويقول البطل المصاب، العقيد محيى الدين مصطفى، الدفعة ٥٣ حربية: كنت قائد سرية الحرس الأمامى لكتيبة المقدمة للفرقة ٢١ مدرعًا، وكنا قبل بدء الحرب، بكامل تجهيزاتنا فى قرية سرابيوم على الضفة الغربية، وعندما شاهدونا أهل القرية الكرام، كانت لحظات وطنية جميلة رفعت معنوياتنا، ولم نكن نعرف يوم الحرب، ولكن كان داخل قلوبنا شىء يشير أنها اللحظة الحاسمة، وأن الأيام القادمة ربما تحمل لنا الخير، ببدء الحرب، نعم خير، فقد كنا نشتاق للحرب لاستعادة كرامتنا وأرضنا.
«النصر أو الشهادة» وأول دبابة
ويضيف البطل المصرى محيى الدين مصطفى، أن كل معنوياتنا وكل إحساسنا كان فى خوض المعركة، أى كانت النتائج، ولكننا كنا موقنين أن الله سينصرنا، وكان شعارنا النصر أو الشهادة، وهذا شعار سلاح المدرعات، وبالفعل حقق الله أمنيتى وكنت ودباباتى أول من عبر من المدرعات للضفة الشرقية وبأوامر من الفريق سعدالدين الشاذلى، حيث حضر لى بعد بدء العبور مباشرة الفريق الشاذلى على الضفة الغربية، وقبل تركيب المعابر، وقبل الإنتهاء من إزاحة الساتر الترابى، وقبل تثبيت معبر سبيريوم، وقال لى زمايلك المشاة خلصوا ذخيرة المد والدبابات بتدهسهم تقدر تعدى الساتر ده؟.. وبدون تفكير قولتله: ممكن يا فندم، فطلب من المهندسين العسكريين تثبيت الكوبرى (البراطيم) فعبرت بدبابتى بعد أن أمرت سريتى إذا نجحت فى العبور أن يقَوموا بالعبور خلفى، وبالفعل عبرت وعبرت خلفى السرية لحسن حظنا لأن الدبابات كانت حديثة تشيكى أقصى زاوية ارتفاع لها 48 درجة، فى حين الروسى 42 درجة، واشتبكت مع 5 دبابات باتون m48 إسرائيلية، وقمت بتدمير 4 دبابات وأسر دبابة، وفوجئت بعدها بالفريق سعد الشاذلى عبر سيرًا على الأقدام، وأخذنى بالحضن، وقال لى دبابتك أول دبابة عبرت القناة، وسألنى: هاتعمل إيه دلوقتى قولت له ها تقدم أمام المشاة لمواجهة دبابات العدو معهم، ويبدو أنه قد أخطر القيادة بما تم، وأخطر الفريق العرابى، ثم طلب منى العبور العكسى بالدباب الأسيرة، حيث أقوم بتفريغها من الذخيرة، وقمت بقيادتها للغرب، حيث قمت بتحميلها على جرار لتوجيهها إلى القاهرة، وقمت أنا بالعودة إلى الضفة الشرقية، وأخذت السرية وتوقفت فى خط دفاعى مع المشاة حتى عبرت الكتيبة فى اليوم التالى وانضمت لى استعدادًا لصد أى ضربات مضادة للعدو.

ملحمة حرب الدبابات
ويؤكد البطل العقيد محيى الدين أن معركة الدبابات بعد العبور كان بها ملاحم كبرى، يجب أن تخلد بفيلم كامل عن حرب الدبابات التى كانت أكبر حروب الدبابات فى العالم، واستطاع أبطال مصر فى تدمير دبابات العدو بصورة كبيرة أدت إلى هروب الدبابات واستسلام طواقمها، ومنهم قادة كبار، أمثال العقيد عساف ياجورى قائد المدرعات الإسرائيلى، وقد قمت بتموين دبابتى ٤ مرات متتالية فى كل مرة ٦٤ طلقة، حيث إن بالدبابة يوجد مخازن للطلقات، وفى كل مرة يتم التموين بـ٦٤ طلقة، وعن أكثر اللحظات التى مر بها خلال الحرب، هو استشهاد زميل الدراسة الذى كان معه فى المدرسة البطل الشهيد محمد عبدالمنعم، وكذلك استشهاد البطل صلاح الدين، والبطل الشهيد محمد عبدالرءوف، وعم أكثر اللحظات سعادة، أكد البطل المصرى العقيد محيى الدين مصطفى، كانت لحظة العبور، ووجودنا على الضفة الشرقية لقناة السويس، أكثر اللحظات سعادة، لا استطيع وصفها، مهما قلت عنها أو وصفتها، فقد فقدنا الإدراك للحظات من الفرح، ووسط اطلاق النار من الجانب الأخر، قمنا بتقبيل الأرض، ونثرنا رمال سيناء فى كل مكان، ويضيف البطل المصرى: لحظات عظيمة لا أستطيع أن أصفها حتى اليوم، عن شعورنا بالعبور، واستعادة الأرض، ولقد جلست أحارب ١٠ أيام متتالية، دمرنا فيها دبابات العدو، وأسرنا فيها طواقم عديدة من الضباط والجنود، وكان رجال المشاة يأخذونهم، ويستلمونهم للعبور إلى الضفة الغربية، ويعودون للقتال مرة أخرى، ويوم ١٦ أكتوبر أصبت فى ساقى وتم نقلى إلى المستشفى، وتم تكريمى بنجمة سيناء، وكل أنواع التكريم بالقوات المسلحة، لما بذلناه فى حرب استعادة الكرامة والأرض.
حافظوا على مصر
وفى نهاية لقاء الوفد بالبطل المصرى العقيد محيى الدين مصطفى بطل المدرعات، قال البطل: رسالتى إلى شعب مصر العظيم، أن يحافظ على مصر وطنهم، والوقوف خلف قيادته السياسية وجيشه العظيم، وأن يتوحد ولا يلتفت إلى أى شائعات تضر بأمن مصر القومى، فلدينا قيادة عظيمة وجيش لا يفرط فى حبة رمل واحدة من أرض مصر.. وأن يكون شعارهم دائمًا «تحيا مصر».