ضحى بدمائه دفاعًا عن الأرض والعرض.. الشهيد عبد الكريم الشبينى ابن البحيرة

في قرية ديبى التابعة لمركز رشيد بمحافظة البحيرة، يظل اسم الشهيد عبد الكريم عبد العزيز الشبينى حاضرًا بقوة، لا تغيب ذكراه عن وجدان أهلها، ولا عن قلوب المصريين الذين يقدّرون تضحيات أبنائهم في معارك التحرير.
فبعد مرور أكثر من نصف قرن على نصر أكتوبر العظيم، ما زال الشهيد عبد الكريم أيقونة للفداء ورمزًا من رموز البطولة التي سطّرت بالدماء فوق رمال سيناء.
وُلد الشهيد عبد الكريم في أسرة ريفية بسيطة بقرية ديبى، حصل على دبلوم المعلمين، تم عمل مدرساً بمدرسة ديبي الصباحية ، تربى على قيم الرجولة والإيمان والانتماء، وعُرف بين أقرانه بالتدين والخلق الحسن، وعندما جاء دوره في الخدمة العسكرية، لم يتردد لحظة، فالتحق بالقوات المسلحة جنديًا مجندًا في سلاح المشاة بالجيش الثاني الميداني، المرابط وقتها على جبهة القتال بالإسماعيلية استعدادًا لمعركة التحرير.
كان عبد الكريم يعيش أيامه الأخيرة قبل الحرب في سعادة غامرة، فقد كان عريسًا حديث الزواج، يحلم بتكوين أسرة صغيرة، لكن القدر شاء أن يُزفّ إلى سماء المجد شهيدًا قبل أن يرى طفله الذي كان ما يزال جنينًا في بطن أمه.
مع انطلاق ساعة الصفر يوم السادس من أكتوبر 1973، كان الشهيد عبد الكريم في موقعه يؤدي واجبه وسط زملائه المقاتلين، شارك في العبور العظيم واقتحام خط بارليف، وسطر مع كتيبته ملحمة من الشجاعة والإقدام، لكن رصاصات العدو الغادر أصابته فسقط شهيدًا على الفور، لتتحول فرحته بالزواج إلى عرس أبدي في السماء، وتتحول دماؤه الطاهرة إلى وسام شرف على جبين الوطن.
الابن الذي وُلد بعد استشهاده
المفارقة المؤلمة والمشرّفة في آن واحد، أن الشهيد لم يرَ طفله الوحيد المهندس عبد الكريم عبد الكريم الشبينى، الذي وُلد بعد استشهاد والده، هذا الابن الذي كبر حاملًا اسم أبيه، ظل طوال حياته يستمد الفخر والعزة من كونه ابن شهيد من شهداء أكتوبر. يقول في تصريحاته: «أشعر أن والدي يعيش بداخلي، وأفتخر أن اسمه ما زال يتردد في قريتنا وعلى لافتة المدرسة التي تحمل اسمه».
تكريم باقٍ وذاكرة لا تموت
لم تنسَ الدولة ولا أهالي البحيرة الشهيد عبد الكريم الشبينى، فقد تم إطلاق اسمه على مدرسة الشهيد عبد الكريم الشبينى الإعدادية بديبى، لتظل سيرته خالدة بين الأجيال الجديدة التي تتعلم داخل جدرانها معنى التضحية والفداء.
رسالة تتوارثها الأجيال
قصة الشهيد عبد الكريم الشبينى ليست مجرد سطر في كتب التاريخ، بل هي درس حيّ في الوطنية والوفاء، فالرجل الذي ترك زوجة شابة وطفلًا لم يولد بعد، لم يتراجع ولم يتخاذل، بل واجه الموت مبتسمًا من أجل أن تحيا مصر.
واليوم، تُروى قصته في المجالس والاحتفالات لتبقى درسا للأجيال الجديدة التي لم تعش لحظة الحرب، لكنها تتغذى على قصص البطولة لتستمد منها معاني الانتماء والاعتزاز بالوطن.
سيظل الشهيد عبد الكريم عبد العزيز الشبينى، ابن قرية ديبى بمركز رشيد، نموذجًا خالدًا للعطاء، ورمزًا من رموز أكتوبر المجيدة، فقد ترك خلفه دموع أم ثكلى وزوجة صابرة وابنًا يتفاخر به، لكنه كسب الخلود في سجل الشهداء الذين باعوا الدنيا واشتروا الآخرة دفاعًا عن الأرض والعرض.

