مراجعات
قبل أيام فقط، من إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام 2025.. يتوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فوزه بالجائزة «العريقة»، انتظارًا لتسلمها في احتفال رسمي، خلال ديسمبر المقبل، بالعاصمة النرويجية أوسلو.
بانتظار ذلك «اليوم المشؤوم»، تظل «نوبل للسلام»، في مرمى الاتهامات دائمًا، خصوصًا عندما مُنحت لأشخاص متورطين في حروب إبادة، أو سياسات دموية، مثل «مناحم بيجن» 1978، و«إسحق رابين» و«شمعون بيريز» 1994.
تلك الجائزة «المشبوهة»، نعتبرها أحيانًا بمثابة «صفقة سياسية مغلفة بشريط نوبل»، إذ تمنح كأداة ضغط «ناعمة»، أو تبرئة سياسية، أو «غسيل سُمعة»، لأشخاص دمويين، شريطة أن يبتسموا جيدًا أمام عدسات الكاميرات!
مجرد أن يُطرح اسم «ترامب»، لا يُسيء فقط لذاكرة الجائزة، بل يُحولها إلى مسرح هزلي بامتياز، بعد أن مُنحت سابقًا لعظماء مثل نيلسون مانديلا، لكنها قد تُمنح الآن لرجلٍ يُفاخر بأنه «رجل الصفقات»، وكأن السلام صفقة عقارية!
للأسف، أصبحنا نعيش في عالم تتقاطع فيه الحقائق الدامغة، مع المسرحيات الهزلية، حيث نتابع «السمسار»، يعتلي خشبة المسرح الدولي، ليعلن ـ بكل غرور واستعلاء ـ أنه بطل السلام العالمي، الذي لولاه لكانت الكرة الأرضية ستغرق في حرب عالمية ثالثة... وربما رابعة!
منذ ولايته الأولى، وحتى الآن، لم يدخر «التاجر ترامب» فرصة إلا واستعرض فيها عضلاته البلاغية الخشنة، ليهدد، ويلوح، ويتوعد، ثم يطلق تغريدة قصيرة، تُحرج حلفاءه وتربك خصومه!
هذا «المتغطرس» الذي لا يعرف البروتوكول الدبلوماسي، تنم سلوكياته الهمجية، عن شخص يحركه مزاج متقلب، لا يستطيع كل مَن حوله استيعابه، كونه ـ حتى الآن ـ غير مدرك أنه على رأس الهرم السياسي لأكبر وأقوى دول العالم!
لقد أثبتت التسريبات «الوقحة» للرئيس الأمريكي، في مكتبه البيضاوي، ومؤنمراته الصحفية الهزلية، أنه ينظر إلى جميع القادة والزعماء والرؤساء ـ من دون استثناء ـ بنظرة استعلائية فوقية، وتعمده فضحهم والإساءة لهم، والنظر إليهم كعبيد خانعين.. فاقدين للشرعية أو الأهلية، يجب عليهم الدخول في بيت الطاعة الأمريكي!
بكل أسف، لم يعد سرًا أن «ترامب» يرى نفسه مرشحًا دائمًا ـ فوق العادة ـ لجائزة نوبل للسلام، لا لشيء، سوى اعتقاده أن مجرد «عدم الضغط على الزر النووي» هو إنجاز خارق يستحق عليه تمثالًا، إذ يُحدِّث العالم عن اتفاقيات سلام لم تحدث، وحروب منعها قبل نشوبها، وأن التاريخ سيخلده على أنه أفضل «رجل سلام»!
أخيرًا.. الآن مع هذا الواقع المرير، نجد أنفسنا ـ كعرب ومسلمين ـ «مجرد كومبارس» في فيلم عبثي، لكننا على يقين من أن دونالد ترامب، سيُغَرِّد في النهاية، كما يفعل دائمًا: «أنا رجل السلام الأوحد... اسألوا نفسي»!
فصل الخطاب:
يقول الفيلسوف والروائي الإيطالي «أومبيرتو إيكو»: «أسوأ ما في الديمقراطية، أنها تتيح أحيانًا وصول مهرجين إلى الحكم، لا لأنهم يستحقونه، بل لأن الجمهور يريد التسلية».