رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

لازم أتكلم

كشفت انتخابات 2025 عن حقيقة أثبتها الواقع السياسى، وهى ضرورة إلغاء قانون الانتخابات الحالى وإصدار قانون جديد يواكب تحديات المرحلة المقبلة وتطلعات وآمال الشعب المصرى. وقد سبق وأن حذرت فى مقالات سابقة من هذا القانون المعيب قبل إقراره، وقلت إنه يسىء إلى التاريخ البرلمانى لمصر، ويكرس الصوت الواحد بشكل أكثر شياكة وأناقة، ويؤدى إلى ما لا يحمد عقباه عند وضعه على المحك فى أقرب عملية انتخابية، وقد حدث ما توقعت.

شاهدنا جميعا وبشكل علنى، كيف أدى هذا القانون إلى تفاقم ظاهرة المال السياسى، واهتزاز ثقة المواطن فى العملية الانتخابية برمتها، بسبب ما رآه من تزييف لإرادته فى عدد ليس بقليل من الدوائر، ومن ثم إعادة الانتخابات فى بعضها تحت تأثير السوشيل ميديا، والخوف من غضب الرئيس، الذى وجد نفسه مجبرا على التدخل لإنقاذ صورة النظام مما حدث لها من تشويه داخليا وخارجيا.

هذا القانون المعيب الذى صدرت تعديلاته فى مايو 2023 متجاهلة كل أصوات المعارضة تحت القبة أو خارجها، هو سبب كل هذه الفوضى التى حملت ميزانية الدولة مليارات الجنيهات، وخلقت أزمة أسوأ انتخابات شهدتها مصر، فاقت حدودها ما حدث فى انتخابات 2010، وكانت سببا رئيسيا فيما تعانى منه البلاد سياسيا واقتصاديا عقب ثورة يناير 2011 وما تلاها من كوارث.

للأسف الشديد، صدرت تلك التعديلات رغم أنف قوى الحوار الوطنى، لصالح أغلبية تسيطر على معظم أعضاء مجلس النواب، وكانت الحجة الحفاظ على استقرار البلاد وحماية الدولة مما يحاك ضدها من مؤامرات، وتم تغليف الهدف الحقيقى بغطاء تشريعى جاء بما شاهدناه من مهازل فى انتخابات ستأتى ببرلمان لن يصمد كثيرا أمام ما يوجه له من طعون واتهامات.

فبينما كان الجميع ينتظر من مجلس النواب (المنفضة دورته) تعديلات تسد ثغرات وعيوب القانون، إذ به يُصدم الشعب بإبقاء التعديلات على نظام الانتخابات المختلط (قائمة مغلقة وفردى) الذى تم إقراره عام 2020، والذى وزع المقاعد مناصفة (50%) لكل من القائمة المغلقة والفردى (المستقل )، ولم يلتفت إلى توصيات الحوار الوطنى، ونداءات القوى السياسية والشعبية، التى طالبت بقوائم نسبية مفتوحة تخلق روحا من التنافس الشريف، فيما بينهم ومع المستقلين.

واكتفت الأغلبية التى حاكت القانون على هواها بالتغيير الشكلى، بتوسعة وضم وفصل بعض الدوائر، وزيادة عدد مقاعد بعضها الآخر، كما حدث فى دوائر السيدة زينب والعاشر من رمضان والواسطى وناصر ببنى سويف.

أما التعديل الخطير، الذى ندفع ثمنه ونعيش آثاره السيئة، فكان رفع حد التأمين للمرشح الفردى إلى 30 ألف جنيه بدلا من عشرة آلاف، وقائمة الأربعين مقعدا إلى 129 ألف جنيه و306 آلاف جنيه للقائمة التى تضم 102 مقعد، وهو ما جعل كثيراَ من الأكفاء وأصحاب الخبرات السياسية والمناهضين لأحزاب السلطة وما يطلق عليهم (الموالاة) ولا يمتلكون مالا، يحجمون عن المشاركة فى العملية الانتخابية، لشعورهم بأن أكثر من نصف المقاعد محسوم مبكرا.

وفى الوقت الذى نجحت فيه التعديلات فى إعادة تشكيل الخريطة الحزبية والسياسية، بصعود أحزاب حديثة النشأة أخذت لها موقعا بين أحضان السلطة، إلا إنها أعادت بعض الأحزاب القديمة والتقليدية للخلف؛ لفقرها ماليا وعدم مقدرتها على مواجهة المال السياسى؛ وهو ما جعلها تخضع مجبرة لقبول أى عدد من المقاعد؛ لتضمن تمثيلا برلمانيا تحت القبة، تعلن به عن استمرارها، وحفاظها على ما تبقى من رصيد شعبى.

ورغم شعور الإحباط واليأس، فإننى ألمح توجها بإصلاح سياسى وشيك، يشعل لنا مصباحا خافتا فى نهاية نفق مظلم، يشعرنا بأن هناك حلما سيتحقق وأملا يعيد لمجلس نواب الشعب قيمته ومكانته وقوته المفقودة، بإلغاء هذا القانون المعيب قريبا.

[email protected]