رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

المقالب العشوائية أوكار موت

بوابة الوفد الإلكترونية

 

روائح كريهة تغزو المكان، وأنفاس السكان تختنق وسط عمارات ومنازل أصبحت بيئة غير صالحة للعيش، مشهد يومى يتكرر أمام أعين الأهالي؛ أشخاص تظهر عليهم ملامح العنف والبلطجة، يتناثرون هنا وهناك، بعضهم يفرز الكراتين، وآخرون يجمعون البلاستيك، بينما ينهمك الأطفال فى البحث عن الأسلاك، فى مشهد عبثى بات واقعًا يوميًا فى بعض المناطق السكنية، بل ومرتعًا لسلوكيات شديدة الخطورة، كأعمال البلطجة، وتعاطى المواد المخدرة.
فى السنوات الأخيرة تفاقمت الأزمة، بعدما قام بعض الأفراد بتحويل قطع أراض داخل الكتل السكنية إلى مقالب عشوائية لتجميع وفرز الخردة والكراتين والبلاستيك، الأمر الذى أثار موجات من الغضب والاستياء بين الأهالى فى عدة محافظات بالجمهورية.
ولم تقف خطورة الظاهرة عند التأثير على الصحة العامة فقط، بل تطورت إلى أشكال أكثر خطورة، من خلال استخدام أسطح المنازل كمقالب ومواقع للفرز، ما يحولها إلى بيئة خصبة للأوبئة والمخاطر الصحية، وما يزيد الطين بلة، أن القائمين على هذه الأنشطة، وبعد الانتهاء من عمليات الفرز، يقومون بإشعال النيران فى بقايا المواد غير الصالحة للتدوير، ما يتسبب فى تلوث هواء المنطقة، ويهدد بانتشار الأمراض التنفسية والجلدية، وسط غياب واضح للرقابة والتدخل لمنع تجميع البلاستيك والكراتين داخل المناطق السكان.

الإسكندرية
أصبحت شوارع الإسكندرية مسرح مفتوح لظاهرة خطيرة تهدد أمن المواطنين وتشوه الوجه الحضارى للمدينة، بعد أن انتشر البلطجية ونباشو القمامة بشكل لافت تحت الكبارى، وفى محطات الأتوبيسات النقل العام، وحتى فى الطرق الرئيسية، لتصبح مصدر خوف وقلق دائم، خاصة للنساء والفتيات والطلاب والمغتربين، لا تقتصر آثار الظاهرة على النواحى الأمنية فقط، بل تمتد لتؤثر سلبًا على سمعة الإسكندرية كمدينة سياحية ساحلية عريقة، فضلاً عن الإضرار بحركة الاستثمار والاقتصاد المحلى.
يقول محمد محمود- موظف- للأسف تحولت بعض شوارع الإسكندرية إلى أوكار لتجميع الخردة والكراتين، وهو ما يسىء للمظهر الحضارى للمدينة. والأخطر أن حديقة المستشفى الإيطالى بشارع جلال الدسوقى بحى وسط – التى افتتحها اللواء محمد المحجوب منذ سنوات بعد إنفاق آلاف الجنيهات، أصبحت اليوم مأوى للنباشين والمتشردين، ومسرحًا لتعاطى المخدرات والأعمال المنافية للآداب، رغم قربها من قسم شرطة باب شرقي!
ويؤكد محمود- أحد الأهالي- تقدمنا بعدة شكاوى لقسم الشرطة والحى، إلا أن الوضع باقٍ كما هو، مشيرًا إلى العثور بشكل متكرر على جثث شباب داخل الحديقة جراء جرعات زائدة من المخدرات، فضلًا عن حوادث التحرش والسرقة تحت التهديد بالسلاح.
توضح بدور السيد، مدرسة، أن النباشين حولوا الظاهرة إلى «مهنة رابحة» يقومون بفرز القمامة لاستخراج البلاستيك والمعادن لبيعها بأرباح كبيرة، وكل ذلك يتم أمام أعين المسئولين، الظاهرة لم تعد مقتصرة على الأحياء الشعبية، بل امتدت حتى المناطق الراقية، لافتًا إلى المجتمع يحتاج إلى حملات يومية لرفع القمامة ومنع هؤلاء من ممارسة نشاطهم، حتى لا تصبح الإسكندرية ساحة مفتوحة للعشوائية.
ويقول حسام أحمد، موظف، إن وراء النباشين شبكات منظمة، يتواجدون بكثافة فى مناطق مثل فيصل، العصافرة، المنتزه، وشريط القطار، هذه الظاهرة تُكبّد الدولة خسائر فادحة، لأنها تعيق عمل شركات النظافة وتسبب تراكم القمامة بالشوارع، الفقر والبطالة من أبرز أسبابها، لكن لا بد من تغليظ العقوبات وملاحقة الشبكات التى تديرها، مع توفير بدائل عمل حقيقية للشباب.
ويحكى أحمد عبدالله- موظف- استقل وسائل المواصلات يوميًا، وأرى العشرات من النباشين والبلطجية يمارسون سلوكيات غير أخلاقية مثل التحرش والاعتداء، الأمر لا يهدد فقط النظافة العامة بل يزرع الخوف فى نفوس المواطنين، خصوصًا النساء والفتيات، يجب تكثيف التواجد الأمنى وإيجاد حلول جذرية لهذه الكارثة.
ويرى عبدالهادى منعم، صاحب كافيتريا، أن الظروف الاقتصادية وضعف دور الأسرة من العوامل المغذية للظاهرة:«الشباب يهربون لهذه الأعمال لتأمين لقمة العيش، بينما يشعر النباشون بالأمان فى ظل غياب الرقابة الأمنية وضعف الوعى المجتمعى، لو لعبت الأسرة والمؤسسات التربوية دورها الصحيح فى غرس القيم لقلّت هذه السلوكيات السلبية».
وتصف ابتسام على، موظفة، الوضع فى منطقتها بـ«الكارثة أمام عماراتنا فى المندرة قبلى، قطعة أرض تابعة لأملاك الدولة تحولت إلى وكر لعصابة من النباشين، يديرها شخص يقوم بتأجير الأرض لهم مقابل مبالغ مالية.. حياتنا تحولت إلى جحيم، نخاف على أولادنا من النزول ليلًا، حتى أتوبيس المدرسة يضطر لإنزال الأطفال بعيدًا عن العمارات».
وفى مفارقة صادمة، تحدث الطفل حسن عبدالله (12 عامًا) قائلاً: «إحنا اتولدنا فى المهنة دى، وبنحقق منها فلوس كويسة. الكيلو الكانز بـ75 جنيه، البلاستيك بـ14، الكارتون بـ7، والحديد بـ15 جنيه... ده شغلنا اليومى».

كفرالشيخ
تحولت بعض الشوارع والأزقة داخل الكتل السكانية فى مراكز ومدن محافظة كفرالشيخ إلى مقالب عشوائية لتجميع الخردة والكراتين، حيث يكدس البعض هذه المواد داخل منازل قديمة أو أسطح عقارات سكنية، وأحياناً فى مساحات فارغة بين البيوت، ما جعل الأهالى يعيشون فى بيئة غير آمنة مليئة بالمخاطر الصحية والبيئية، بينما يواصل الأهالى الشكوى من انتشار مقالب الخردة والكراتين داخل الكتل السكنية.
وتقول سهيلة عبدالنبي- صيدلانية- إن انتشار المقالب العشوائية لتجميع الخردة والكراتين تسبب أضرار بيئية وصحية جسيمة، وتراكم الخردة يجذب القوارض والحشرات التى تنقل الأمراض للأهالى، ووجود كراتين ومواد قابلة للاشتعال وسط الكتل السكنية يمثل خطراً كبيراً حال اندلاع أى حريق، لافتة إلى أن هذه المقالب غير الرسمية تتحول إلى مصدر لانبعاث الروائح الكريهة وتلوث بصرى يشوه المشهد الحضرى، وأنه يجب تخصيص أماكن آمنة خارج الكتل السكنية لهذه الأنشطة، وتشديد الرقابة على المخالفين.
وأشارت سحر كمال الشيخ- إحدى الأهالي- إلى أن أكوام الخردة بات مشهدًا عابرًا فى شوارع بعض القرى والمدن، بل تحولت إلى ظاهرة تؤرق حياة المواطنين، بعدما صارت تُلقى بجوار البيوت دون أى ضوابط أو رقابة، مسببة أضرارًا بيئية وصحية متزايدة، مشيرة إلى أنهم يواجهون يوميًا انتشار الفئران والبعوض نتيجة تراكم الخردة، إضافة إلى الروائح الكريهة التى تملأ المكان. 
وتقول أم مصطفى، من مركز الحامول، الأولاد مش عارفين يلعبوا، والمنظر بقى مقرف، غير الخوف من الحرائق، خاصة فى الصيف، مؤكدة أن هذه الظاهرة تؤرق النساء والأطفال الأولاد مش عارفين يلعبوا، والمنظر بقى مقرف، غير الخوف من الحرائق، خاصة فى الصيف 
يقول الحاج سيد عبدالعليم، من سكان مدينة دسوق كل يوم نجد الخردة على شكل أكوام فى الشارع بجوار بيوتنا، مما أدى إل انتشار الفيران والناموس فى المكان، ولما نشتكى محدش بيسمعنا.
من جانبهم، يرى بعض جامعى الخردة أن هذه المهنة هى مصدر رزقهم الوحيد، يقول محمد.س، شاب يعمل فى جمع الكراتين إحنا مش لاقيين شغل، بنجمع الكراتين ونبيعها لمصانع الورق، لو الحكومة عايزة تمنع، لازم توفر بديل للناس.
من جانبه يؤكد الدكتور محمد عبدالمنعم- أحد أهالى كفر الشيخ- أن تخزين الكراتين والخردة داخل الكتل السكانية يشكل خطراً مزدوجاً، ويحذر من أن الخردة المهملة قد تتحول إلى مصدر رئيسى للتلوث وانتشار الأمراض، فضلًا عن خطورتها فى حال اشتعال الحرائق داخل الأكوام، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة.
وأوضح أن مهنة جمع الخردة من الأنشطة ذات البُعد الاجتماعى والاقتصادى المهم إذا تم استثمارها بشكل علمى، فهى توفر مصدر دخل لفئات واسعة من الأفراد الذين يفتقدون لفرص عمل مستقرة، مما يساعدهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتحسين أوضاعهم المعيشية، كما تسهم هذه المهنة فى تقليل نسب البطالة وتُتيح مجالًا للعمل الحر بعيدًا عن التعقيدات الرسمية. 
وأشار «عبدالمنعم»، إلى أنه من الناحية الاقتصادية، تمثل عملية جمع الخردة وإعادة تدويرها حلقة أساسية فى دورة الإنتاج، إذ توفر المواد الخام بأسعار أقل، وتدعم الصناعات التحويلية، وتقلل من استنزاف الموارد الطبيعية.
كما أكد أنها تسهم فى الحفاظ على البيئة عبر الحد من تراكم النفايات الصلبة وتقليل التلوث، تجمع هذه المهنة بين دورها الاجتماعى فى تمكين الفئات الهشة اقتصاديًا، ودورها الاقتصادى فى دعم التنمية المستدامة.
وطالب الأهالى بإزالة المقالب العشوائية فوراً من داخل الكتل السكنية، تخصيص أماكن بديلة منظمة لتجميع وفرز الخردة بعيداً عن السكان، تكثيف حملات النظافة والرقابة من المحليات، تغليظ العقوبات على من يحولون المنازل إلى مخازن خردة، التدخل العاجل من المحليات أمراً ضرورياً لوقف الكارثة البيئية والصحية التى تهدد المواطنين يومياً فى مراكز ومدن محافظة كفرالشيخ.

مخازن الخردة داخل الكتل السكنية تثير غضب أهالى الدقهلية
الأهالى: روائح كريهة وحشرات وأمراض صدرية.. ومطالب عاجلة بإخراجها خارج الحيز العمراني

وفى محافظة الدقهلية تسود حالة من الاستياء بين الأهالى بسبب انتشار مخازن الخردة غير المرخصة داخل الكتل السكنية، الأمر الذى يشكل خطورة بالغة على صحة المواطنين، فى ظل ما تسببه من روائح كريهة وانتشار للحشرات والقوارض، بل وظهور عقارب وثعابين تهدد حياة السكان، ما دفع الأهالى للمطالبة بنقل هذه المخازن إلى خارج الحيز العمرانى، حفاظًا على صحة وسلامة المواطنين، مشددين على ضرورة إحكام الرقابة عليها والتأكد من تراخيصها ومدى التزامها باشتراطات الأمن والسلامة، مؤكدين أنهم تقدموا بعدة شكاوى واستغاثات بسبب قيام بعض تجار الخردة وجامعى القمامة باستخدام المساكن والأراضى الفضاء كمخازن للتجميع والفرز، دون أى تحرك من مسؤولى الأحياء لإغلاقها، رغم ما تمثله من أذى وخطر داهم على الأهالى.
ويقول ياسر القشاش- أحد الأهالي- إن سكان المنطقة يعانون يوميًا من سحابة دخان أسود كثيف تنبعث من المخازن، نتيجة إشعال النيران فى الحديد ليلًا بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية، مشيرًا إلى أن هذه الأدخنة تزيد من معاناة مرضى الربو والحساسية الصدرية خاصة مع نشاط الرياح.
ودعا ياسر عودة- أحد المواطنين- الأجهزة بالتدخل العاجل لتنظيم نشاط المخازن داخل المدن، مقترحًا نقلها إلى مناطق مخصصة بعيدة عن الكتل السكنية، وفرض رقابة بيئية مشددة للتأكد من التخلص الآمن من المخلفات والملوثات، مشددًا على أهمية تشجيع عمليات إعادة التدوير وحملات التوعية لأصحاب المخازن والسكان حول مخاطر الممارسات العشوائية.
ويوضح المهندس شريف حمدان، أن هذه المخازن تعد مصدرًا رئيسيًا للتلوث البيئى، حيث تشكل السيارات القديمة والمعادن التالفة خطرًا على التربة والمياه الجوفية، فضلًا عن تفاعل المعادن مع الرطوبة بما يؤدى لتلوث الهواء، محذرًا من تزايد الحشرات والقوارض الناقلة للأمراض نتيجة تراكم المخلفات.
ويشير المهندس محمد القلينى، إلى أن المخازن لا تضر بالبيئة فقط، بل تسبب إزعاجًا شديدًا للسكان نتيجة الضوضاء والأصوات العالية من أعمال التفكيك والفرز ليلًا، مطالبًا الأجهزة التنفيذية بسرعة التدخل لمنع تصاعد الأدخنة والعوادم السامة من داخل الأحياء السكنية.

سوهاج 
وتواجه محافظة سوهاج أزمة إنسانية واجتماعية متفاقمة، إذ باتت شوارع القرى والنجوع مسرحًا لمشاهد صادمة لأطفال لا تتجاوز أعمارهم السادسة وحتى الخامسة عشرة، يجوبون الطرقات منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس بحثًا عن الخردة والقمامة، فى محاولة يائسة لمساعدة أسرهم على مواجهة قسوة الفقر وضيق الحال.
من مركز طما شمالًا حتى البلينا جنوبًا، أصبحت «عربات الكارو« و«التروسيكلات» وسيلة العمل اليومية لهؤلاء الأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة وراءهم، واستبدلوا دفاتر المدرسة بأجولة ممتلئة بزجاجات بلاستيكية، وكراتين، وعلب صفيح، وحديد ونحاس، يبيعونها فى نهاية اليوم مقابل بضع عشرات من الجنيهات.
يقول أحمد بدوى، الذى اضطر لترك التعليم فى الصف الخامس الابتدائى بعد وفاة والده: «أخرج كل صباح للبحث عن الخردة حتى بعد المغرب.. أجمع البلاستيك والصفيح والكراتين ثم أبيعها للتاجر مقابل حوالى 50 جنيهًا فى اليوم، هذا عملى الوحيد لإعالة أسرتى».
ويؤكد على عبدالعزيز، الذى ترك المدرسة فى الصف الأول الثانوى، أن دخله من جمع الخردة يتراوح بين 900 و1500 جنيه شهريًا، مؤكدًا أنه لم يجد بديلًا لمساعدة والده سوى العمل الشاق فى هذه المهنة، مطالبًا بإنشاء مصنع لتدوير الخردة بسوهاج لتوفير فرص عمل بديلة.
ويروى عمر محمود، الذى تسرب من التعليم فى الصف الثالث الإعدادى، تجربته: «أخرج مع زميل لى على تروسيكل نجوب القرى من الصباح حتى المساء، وفى نهاية اليوم نبيع ما جمعناه مقابل 30 أو 50 جنيهًا.. لو كان هناك مصنع لتدوير الخردة سيغير حياتنا جميعًا».
لم يختلف الحال كثيرًا مع رفاعى سعد الدين من مركز المراغة، الذى أكد أن معظم العاملين فى جمع الخردة من الأطفال والشباب الذين يقضون ما بين 10 إلى 12 ساعة يوميًا فى ظروف قاسية، مشيرًا إلى أن بعض القرى ابتكرت فكرة جمع المخلفات مباشرة من المنازل مقابل مواد بسيطة كالأسلاك والألومنيوم.
وطالب العاملون فى هذه المهنة، بإنشاء مصنع لتدوير الخردة والقمامة فى سوهاج، مؤكدين أن وجود مثل هذا المشروع سيوفر مئات فرص العمل، ويحد من ظاهرة تسرب الأطفال من التعليم، ويحميهم من المخاطر الصحية والاجتماعية التى تحيط بهم فى مقالب القمامة.