في الاحتفال بذكرى مرور 50 عاماً على حصار الفالوجا وبسالة قائد وضباط وجنود اللواء المحاصر في فلسطين الذين لم يستسلموا ويسلموا أسلحتهم حتى عودتهم بسلام لأرض الوطن، في احتفال ملكى وشعبى مهيب تقديراً لصمودهم البطولى الذى صار مضرباً للأمثال في الشجاعة والإقدام وتحدى القصف والجوع إلى يومنا هذا.
لفت الخبير الإستراتيجى المخرج فاروق عبدالخالق الذى أدار الإحتفالية في عام 2008 بمركز الثقافة السينمائية في شارع شريف بوسط القاهرة الخديوية إلى تقصير النظام الملكى بقيادة الملك فاروق ملك مصر والسودان الأسبق نحو أبطال وشجعان الجيش الملكى فقلت له هناك مقبرة لشهداء حرب 1948 تخليداً لذكراهم في ضاحية الدراسة بالقاهرة الفاطمية فأجابنى وهو يعتصره الحزن والأسى والألم بأن هذه المقبرة التاريخية شيدت بعد الإطاحة بحكم الملك فاروق!!
والشئ بالشئ يذكر انتقد الرئيس محمد نجيب احتفاء الملك فاروق بلواء الفالوجا دون باقى قوات الجيش الملكى المشاركة فى حرب 1948 وعدم توجيه الدعوة لقائد القوات الملكية اللواء أحمد فؤاد باشا صادق!!
وتمكن اللواء"صادق باشا"الذى حارب في أدغال إفريقيا من إعادة بناء القوات المحاربة وهزيمة قوات الإحتلال الإسرائيلى على أراضى فلسطين وسيناء وكبدهم خسائر فادحة حتى وضعت الحرب أوزارها في يناير1949 .
ولكن حصلت إسرائيل على ما لم تسطع الحصول عليه بالحرب فضاعت منطقة أم الرشراش-إيلات- لتكون المنفذ البحرى الوحيد لإسرائيل في البحر الأحمر خلال مفاوضات إنهاء الحرب التى ترأس فريق التفاوض فيها القائم مقام إسماعيل شيرين زوج أخت الملك فاروق الكبرى.
كما حصلت إسرائيل بواسطة الضغط الأمريكى على الملك فاروق على إمتياز إعادة ترسيم حدود قطاع غزة مطلع عام 1950 وحصدت من خلاله على مساحة كبيرة من أجود أراضى القطاع المتميزة بوفرة المياه الجوفية!!
ويعد الرئيس محمد نجيب أحد أبطال حرب فلسطين وقاد اللواءين الرابع والعاشر في حرب 1948وخاض معارك ضارية ضد قوات الإحتلال الإسرائيلى ولم يهزم في أى معركة بفلسطين وخرج من ميدان القتال بين الحياة والموت بعد إختراق ثلاث رصاصات لجسده ونُقل لمستشفى الجمعية الخيرية في العجوزة لتلقى العلاج وحصل على نجمتى الملك فؤاد أعلى وسام عسكرى في مصر الملكية ثم عُين مديراً لسلاح الحدود الملكى.
وأيد فكرة إنشاء جمعية للمحاربين القدماء بعد مثول أبطال الحرب للشفاء التى اقترحها عليه المحارب القديم البكباشى جلال ندا الذى ذهب للقائِه في مكتبه بسلاح الحدود الملكى وتزامنت زيارة الأخير مع زيارة السيدة خديجة ماهر-لا أدرى إن كانت شقيقة دولة رئيس مجلس الوزراء أحمد باشا ماهر الأسبق أم لا- لتطرح نفس الفكرة تقديراً لأبطال الجيش في حرب .
وتشكل مجلس إدارة جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب وعضوية البكباشى جلال ندا وعدد من المحاربين القدماء وعقد الإجتماع الأول لمجلس الإدارة في الثانى من إبريل 1951.
وفى خريف 1951 نظم اللواء أركان حرب محمد نجيب مدير سلاح الحدود الملكى ورئيس جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب رحلة لأعضاء الجمعية لواحة سيوه ولفت نظرهم نفوق الماشية بسبب الجدب فاقترح البكباشى جلال ندا على اللواء نجيب بالإبراق للحكومة الوفدية برئاسة النحاس باشا لتعويض المضارين من بدو سيوه فردت الحكومة ببرقية سريعة بالموافقة على صرف التعويضات.
وتعد محنة البكباشى جلال ندا مع هيئة المعاشات الملكية الموحدة للمدنيين والعسكريين في عام 1949- لم يكن الوفد في الحكم خلال الفترة من نهاية عام 1944 وحتى نهاية عام 1949-أبرز وقائع الفساد الفج في العهد الملكى حيث طلب منه موظف المعاشات المختص رشوة مالية لتمرير أوراق معاشه الكامل رغم تقدمه بالتقارير الطبية الرسمية التى تعطيه الحق في ذلك لإصابته بعجز كلى أكثر من 80% للإصابة في الميدان فرفض مساومة الفساد كما رفض العلاج على يد العدو الإسرائيلى في مستشفى تل أبيب بمبادرة من الصليب الأحمر وفضل الموت مع المحاصرين في لواء الفالوجا وظلت رصاصة في كبده وأخرى في ركبته حتى وفاته مطلع الألفية الثالثة وعاش عزيزاً كريماً مفتخراً بما قدم لوطنه مردداً أن حرب 1948 كانت إنتصاراً عسكرياً والإخفاق كان سياسياً ولم ينكسر بفقدان شقيقه الأصغر الشهيد اليوزباشى فريد ندا الذى قتل برصاص الإنجليز في الإسماعيلية 9 مارس 1953.. رحم الله الأبطال والشهداء في مواقع العزة والكرامة والدفاع عن البلاد.