رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

نظره امل

فى لحظة فارقة من تاريخ الإقليم انعقدت القمة العربية الإسلامية الاستثنائية فى الدوحة، ليس فقط ردا على عدوان إسرائيلى سافر استهدف دولة عربية ذات سيادة، وإنما أيضا تعبيرا عن إدراك جديد أو ربما عودة قديمة بأن معركة الأمة لم تعد تخص فلسطين وحدها بل تمس وجود المنطقة وأمنها واستقرارها.

الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد قطر لم تكن حدثا عابرا، إسرائيل التى اعتادت تجاوز كل الخطوط الحمراء لم تجد حرجا فى استهداف دولة لعبت دور الوسيط النزيه فى محاولات التهدئة وساهمت فى الإفراج عن رهائن ووقف نزيف الدم فى غزة، هذه ليست رسالة إلى قطر وحدها بل إنذار لكل العواصم العربية والإسلامية بأن الغطرسة الإسرائيلية وصلت إلى مرحلة اللاعقل، وأن المشروع الصهيونى لم يعد يقف عند حدود الأرض المحتلة بل يتجاوزها ليهدد بنية الأمن العربى والإسلامى بالكامل.

القمة فى الدوحة رغم كل ما يمكن أن يُقال عن تباينات المواقف، لكنها حملت إشارات لا يمكن إغفالها، أولها: أن فكرة الوحدة العربية الإسلامية عادت إلى الطاولة، لا كشعار بل كضرورة، فمنذ سنوات طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى رؤية واضحة لتشكيل قوة دفاع عربية مشتركة واليوم يجد هذا الطرح صدى أوسع، بعدما تبين أن التهديد لم يعد تقليديا ولا محدودا بل شاملا يطال الأمن والسيادة والاقتصاد معا.

ثانيها: أن خطاب القاهرة فى القمة لم يكن مجرد إدانة لفظية بل وضع أسسا لخارطة طريق، الرئيس السيسى تحدث بلهجة حاسمة، لا لتهجير الفلسطينيين لا للمساومات على القدس، ولا للتغاضى عن الحقوق المشروعة. بل ذهب أبعد من ذلك، داعيا العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، كانت تلك رسالة مزدوجة، للداخل العربى بأن مصر لن تساوم، وللمجتمع الدولى بأن استمرار التقاعس عن مواجهة إسرائيل يعنى شراكة ضمنية فى العدوان.

ثالثها: أن العالم أمام خيارين إما أن يدرك أن إسرائيل لم تعد تبحث عن سلام أو تفاوض وإنما عن حرب دينية تجر المنطقة كلها إلى أفق مظلم، أو أن يتحمل تبعات ترك هذا الانفلات بلا حساب، هنا بدا الموقف المصرى كجرس إنذار إن الاستقرار لن يتحقق بالقوة الإسرائيلية ولا بالغطاء الأمريكى، بل فقط بإرادة حقيقية لاحترام القانون الدولى والسيادة الوطنية للدول.

إن ما جرى فى الدوحة لم يكن مجرد اجتماع طارئ بل محطة تكشف أن الزمن تغير وأن الأمن العربى الإسلامى بات أمام اختبار وجودى فإما أن تنجح العواصم فى صياغة آلية تنسيق حقيقية تتجاوز البيانات التقليدية، أو أن تُترك المنطقة رهينة لمغامرات حكومة متطرفة فى تل أبيب، مدعومة من تيار أمريكى لا يخفى انحيازه العقائدى لإسرائيل.

القمة قالت بوضوح، إن ما يُحاك اليوم ليس صراعا على غزة وحدها بل مشروع لإعادة رسم خرائط القوة والسيادة فى الشرق الأوسط، ومن هنا فإن كلمة مصر كانت بمثابة بوصلة تحدد الاتجاه وتضع الجميع أمام مسئولياتهم، أما إسرائيل فعليها أن تفهم أن أمنها لا يُبنى على أنقاض الآخرين وأن أفعالها الإجرامية لن تطول وعليها تحمل المسئولية.

 

حفظ الله مصر حفظ الله الجيش.