رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

"على هذه الأرض ما يستحق الحياة" – للشاعر الفلسطيني محمود درويش
لم تكد أصداء القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة تخفت حتى ردت إسرائيل بتصعيد عسكري كعادتها العنجرية بعد أي قمة عربية أو دولية تنتصر لحق فلسطين ، وهكذا انتقلت الأزمة من قاعات القمة إلى ميدان المواجهة، في اختبار الإرادة الجماعية للعرب  في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

حين اجتمع القادة العرب في الدوحة لعقد قمة عربية إسلامية طارئة منتصف سبتمبر 2025، بدا أن التاريخ يعيد نفسه في صور جديدة. فالبيان الختامي للقمة لم يكن مجرد صياغة دبلوماسية معتادة، بل «موقف سياسي جيد جداً مرتفع السقف» كما وصفه السفير حسام زكي.

القمة وضعت النقاط على الحروف: أوهام إسرائيل في تجاوز القضية الفلسطينية «محكومة بالسقوط». وأكدت أن أي ترتيبات إقليمية ستظل هشة ما لم يعالج جوهر النزاع. لكن إسرائيل ردت بتصعيد دموي، وأصبح المشهد أقرب إلى صراع بين خطاب سياسي يريد رفع السقف، وواقع عسكري يريد خفضه بالقوة.

فالتاريخ يعيد نفسه.. ففي مؤتمر ميونخ 1938، سعت أوروبا إلى شراء "سلام" عبر تجاهل العدالة في تشيكوسلوفاكيا، واسترضاء طموح هتلر  بالاستيلاء على منطقة السوديت، لكن النتيجة كانت حرباً عالمية، وادركت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا فيما بعد أن سياسة الاسترضاء لم تكن فعالة وأن هتلر لا يمكن الوثوق بوعوده.


كذلك فإن حرب فيتنام قدمت درساً آخر: لا الطائرات ولا الحصار
كسرت إرادة شعب قرر أن يعيش حراً،  تماماً كما تحاول إسرائيل اليوم إخضاع غزة بالقصف والتجويع، لكنها تصطدم بصلابة مجتمع يرى في البقاء مقاومة بحد ذاتها. وتعلمت الولايات المتحدة من فيتنام أن الغطرسة والجهل بالواقع المحلي سبب في هزيمتها.

وفي جنوب أفريقيا، ظل نظام الفصل العنصري لعقود يتكئ على القوة والدعم الدولي وعلى رأسهم إسرائيل وأمريكا لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية، لكنه انهار في النهاية تحت ضغط المقاطعة والشرعية الأخلاقية وادانات الأمم المتحدة. 
إسرائيل اليوم تسلك طريقاً مشابهاً: سياسة تمييز وتهجير وقتل وتجويع، لكنها تواجه موجة متصاعدة من الداخل والخارج ودعوات إلى المراجعة الدبلوماسية وتعليق عضويتها في الأمم المتحدة — وهي عناوين حملها بيان قمة الدوحة.

التصعيد الأخير لاسرائيل ما هو إلا تخبط سياسي أكثر من قوة عسكرية، فهو نسخ جديدة من سياسات استعمارية قديمة مثل بريطانيا في الهند، فرنسا في الجزائر، وصربيا في البوسنة. كلها اعتمدت على القوة والإبادة أو التهجير، لكن التاريخ سجل أن الإرادة الوطنية والشعوب الصامدة هي التي تبقى.

الدوحة قد تشكل بداية مسار جديد يعيد ضبط التاريخ، تماماً كما فعل مؤتمر باندونغ 1955 حين أعلن استقلال الشعوب الآسيوية والأفريقية، والقضية الفلسطينية ستبقى معيار العدالة في الشرق الأوسط، والتاريخ يثبت أن العدالة قد تتأخر لكنها لا تموت.
كما قال الجندي والشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود 
"فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى"