أثار قرار السيد محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم برفع مصروفات المدارس التجريبية «الرسمية لغات»، بالإضافة إلى شراء الكتب المدرسية جبرًا مع ارتفاع أسعارها، غضب أولياء الأمور.
حالة الاستياء عند الأهالى ليست فقط نتاج المفاجأة التى خبأها لهم السيد الوزير ثم طعنهم بها قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسى الجديد، بل جاءت نتيجة افتقاد المنطق لتلك القرارات، وعدم مراعاة الظروف الاقتصادية التى تعيشها عموم الأسر المصرية، فصبَّ الوزير على رؤوسهم همًا لا يطاق وقهرًا لا يحتمل.
فيعلم السيد الوزير قطعًا أن موسم المدارس يأتى محملًا بأعباء إضافية لا تحتاج إلى شرح أو توضيح، بداية من زيادات اجتاحت أسعار الزى المدرسى والأدوات المدرسية، وما يتبع هذا الموسم من احتياجات أساسية من شراء كتب خارجية وانتقالات ودروس خصوصية غالبًا.. إلخ إلخ، وعلى ولى الأمر تدبير تلك النفقات دون كلل أو ملل، وأن يدفع تلك الفاتورة ويتدبر أمره لسد تلك الهموم بالسلف والدَينْ إن تتطلب الأمر ذلك.
الغريب فى الأمر، رد وزارة التعليم على سخط أولياء الأمور لتلك القرارات، وانتقادهم لما شعروا به من مغالاة فى زيادات المصروفات وأسعار الكتب المدرسية التى تجاوزت الأسعار التى تطرحها المدارس الخاصة، فقد جاء رد الوزارة مُستفزًا متجاهلًا سرد أسباب تلك الزيادات المفاجئة أو الإجابة عن السؤال: لماذا حدثت تلك الزيادات؟ ولماذا تحول شراء الكتب المدرسية من نظام اختيارى إلى نظام إجبارى ولو بالتقسيط.
فقالت فى بيانها الرسمى إن أسعار الكتب الدراسية للمدارس الرسمية لغات تتضمن أسعار كتب المستوى الرفيع للفصلين الدراسيين، فى حين لا تتضمن أسعار الكتب الدراسية للمدارس الخاصة كتب المستوى الرفيع!، ثم أفاضت علينا الوزارة بكرمها وأتاحت تقسيط المصروفات على أربعة أقساط تيسيرًا على أولياء الأمور.. «يعنى هاتدفع هاتدفع»!
والسؤال هنا: هل يريد السيد محمد عبداللطيف تصفية المدارس التجريبية؟ أو بصيغة أخرى هل يريد السيد الوزير اقتصار المدارس التجريبية على الأغنياء فقط؟ السؤال ليس نابعًا من فراغ، ففى مايو 2018 أعلن الدكتور طارق شوقى وزير التعليم وقتها، عن تعديلات فى نظام التعليم، كان أهمها تعريب التعليم فى المدارس الرسمية للغات، فى المرحلة الابتدائية، بهدف تقوية اللغة العربية، ومن يرد تعليم أبنائه بلغة أخرى فليدفع للمدارس الدولية..!!، فضلًا عن إلغاء منهج المستوى المتقدم للغة الإنجليزية، وقال الوزير الأسبق: «المدارس التجريبية سيتم امتصاصها فى النظام التعليمى الجديد»، مؤكدًا: سنبقى على المدارس التجريبية لعام واحد، لكن لن يكون هناك مدارس تجريبية بعد عام 2019..!!
هذا الإعلان الذى حدث منذ سنوات يدعو للريبة والتساؤل، خاصة مع الأسباب الواهية التى سردها السيد الوزير وقتها وأثارت حالة من الجدل وردود أفعال متباينة بشأن قرارالإلغاء، ليطل علينا السيد محمد عبداللطيف بتلك القرارات الفُجائية التى تصب فى اتجاه تصفية المدارس التجريبة من أبناء الطبقة الوسطى، أو ممن تبقى منهم، وحرمانهم من الحصول على ملاذ تعليمى جيد بتكلفة اقتصادية مناسبة.
الخلاصة: بعيدًا عن الشعارات والكلام الفخيم الذى لا يثمن ولا يغنى، من عينة أن القرارت تصب فى صالح الطلاب وأولياء الأمور، وتطوير منظومة التعليم، وانخفاض الكثافة الطلابية، وإعداد معلمين أفضل حالًا، وتوفير بيئة تعليمية ومحتوى ينافس تجارب الدول المتقدمة، كل هذا الكلام بأنظمته المختلفة وزواياه المتعددة، شَبِع منه الأهالى، طلابًا وأولياء أمور، وأصبح بلا جدوى، وصار بلا تأثير، وبات هو والعدم سواء.
فى النهاية: يا سيادة الوزير نرفض زيادة المصروفات الدراسية بهذا الشكل، يا سيادة الوزير نرفض الأسعار الجبرية المُبالغ فيها التى وضعتموها للكتب الدراسية، يا سيادة الوزير نرفض التهديد والوعيد بتحويل ملف طالب التجريبيات إلى مدارس عربى.. يا سيادة الوزير لمصلحة من تصفية المدارس التجريبية من أبناء الطبقة الوسطى وحرمانهم من هذا الملاذ التعليمي؟.. ياسيادة الوزير ارحمونا يرحمكم الله.