كلام فى الهوا
جحا فيلسوف الفقراء، نوادره تجمع بين الذكاء والحماقة، بين الحقيقة والخيال، يتصرف بذكاء كوميدى ساخر فى كل مواقفه وتنتهى دائماً حكاياته بحكمة، جحا ونوادره فى كل زمان ومكان بلون الزمان والمكان التى تُحكى فيه، لذلك أصبح جحا رمزًا صالحًا لكل العصور، يُعطى الناس الحكمة فى شكل غير مباشر، لذلك انتشرت بينهم نوادره التى تحمل تناقض ما بداخلها، فإنك لذلك لا تضحك عليها إنما تضحك على التناقضات التى بها. فبقدر ما بها من ذكاء تجد أيضاً بها بلاهة، فلا تستطيع أن تتوقف عن الابتسام. من نوادر البلاهة التى لدى جحا أنه ذهب يوماً إلى السوق ليبيع عشرة حمير، فركب واحدًا منها وساق تسعة أمامه. وفى الطريق عد الحمير ونسى أنه يركب واحدًا فوجدهم تسعة، فنزل عن الحمار وأعاد عدهم فوجدهم عشرة، فركب مرة أخرى وقام بعدهم فوجدهم تسعة، وأعاد ذلك مراراً، فقال لنفسه «أمشى أحسن ولا أخسر حماراً» فمشى خلف الحمير حتى وصل إلى السوق وباع العشرة حمير. هذه النادرة تذكرنا بمقولة تعتبر من المقولات الأيقونية فى الدراما المصرية جاءت على لسان نجيب الريحانى فى فيلم «سلامة فى خير» «فى ناس يا بيومى أفندى ميعرفوش حساب» فكل منا له حسابه فلا تدهش إذا كان حساب الناس مختلفًا عن حسابك، فعقلك ليس كعقلهم.