رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

نور

منذ ثلاث سنوات كتبت هنا عن قلق شركة جوجل من تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى التى كانت قادمة بقوة، وقلت: هل يمكن أن نعيش فى هذا الكوكب بدون جوجل؟ وهل تتصور أنك تبحث عن معلومة، ثم تُمسك بهاتفك المحمول، وتقوم بتشغيل الإنترنت، والدخول إلى المتصفح، ومنه إلى محرك البحث جوجل، وتنتظر التحميل، فلا تجد المحرك الأشهر والأكثر استخدامًا فى العالم؟
كان سؤالًا صعبًا.. ولكنه كان مطروحًا بقوة فى العالم الغربى الذى كان يناقش فى ذلك الحين خطورة زيادة الإقبال على موقع «تشات جى بى تي» القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعى.. وقالوا إن «تشات جى بى تى» قد يصبح بديلًا لجوجل، وأنه سيكون البديل الأسوأ لأنه يهدد العقل البشرى بالتوقف والاعتماد على الموقع الجديد فى كل شيء.. وأصبح الشغل الشاغل لمراكز الأبحاث التكنولوجية الغربية حينها هو كيفية مواجهة مخاطر الوحش الإلكترونى الجديد القادم.
التحليلات زمااان، من ثلاث سنوات!! كانت ترى المخاطر بوضوح.. فإذا كان جوجل يساعدك على البحث، ويوفر وقتك الذى تنفقه فى البحث عن المعلومات فإن «تشات جى بى تي» يقوم بأداء مهام إضافية بالنيابة عنك، فهو يقوم بالبحث، والتدقيق، والكتابة، وتنفيذ أعمال كثيرة مثل المشروعات البحثية العلمية، ما يجعل دور الإنسان محدودًا حتى فى المهمة التى تفرد بها منذ بدء الخليقة وهى«التفكير»!!
وكانت التقارير تقول أن هذا الموقع الخطير يقوم بأعمال أخرى، مثل مقابلات العمل، وكتابة القصص، وكتابة المقالات والموضوعات بدلًا من الصحفيين، والأخطر من ذلك هو كتابة واجبات الأطفال المدرسية، ما يهدد العقل البشرى بالتوقف، والاعتماد على عقل إلكترونى بديل!!
والآن بعد ثلاث سنوات..جوجل نفسه أضطر لإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعى فى مهامه.. فلم يعد ذلك الموقع الرهيب الذى يساعدك على البحث،بل أنه صار يمنحك ملخصًا بالذكاء الاصطناعى لموضوع بحثك،ويقوم بإنتاج بحثى استقصائى بالنيابة عنك، وبدلًا من أن يتهدد هو بسبب وجود الذكاء الاصطناعى أصبح جزءًا من تهديدات موجهة للمواقع الإلكترونية بالموت الصادم!!
بل أن جوجل أصبح يقوم بمهام الصوتيات والصور والفيديوهات بالذكاء الاصطناعى وبدلًا من تطوير نفسه فى مجاله الأساسى وهو البحث وتقديم المعلومات أصبح جزءًا من منظومة الذكاء الاصطناعى التى تستهدف تقديم أعمال بواسطة الريبوتات بدلًا من الإنسان!!
جوجل أنقذ نفسه اقتصاديًا بهذا التحول.. ولكنه اقتحم مجالًا غير مجاله.. وقد يقوم بتغيير جلده كاملًا خلال سنوات قليلة!!
الذكاء الاصطناعى لم يمثل خطرًا على جوجل فقط.. ولكنه أصبح خطرًا على العقل البشرى.. فمن أغرب الأخبار التى نُشرت فى الصحف الأمريكية أن روبوتا مجهزًا ببرنامج ذكاء إصطناعى قد نجح بتفوق فى امتحان كلية القانون فى إحدى الجامعات الأمريكية، وقد تضمن الامتحان أسئلة تتطلب كتابة مقالات عن موضوعات قانونية مختلفة مثل القانون الدستورى والضرائب والإضرار بالآخرين، وفقًا لما نشرته شبكة سى بى إس الإخبارية الأمريكية.
وقال أساتذة فى كلية القانون التى أجرت الامتحان إن الروبوت أظهر فهمًا عميقًا لأساسيات القواعد القانونية، وكانت أفكاره تتميز بالتنظيم وتماسك البنية، ولكن أداة الذكاء الاصطناعى واجهت صعوبة عندما تعلق الأمر بكتابة الاستجوابات المفتوحة التى لا يمكن الإجابة عنها بـ«نعم» أو «لا» بل تحتاج تفسيرًا وتوضيحًا.
بعض الخبراء يقولون إن تطبيقات الذكاء الاصطناعى قد تستولى على العديد من الوظائف التى يقوم بها البشر وذلك خلال عدة سنوات من الآن، وخاصة بعد استخدام تقنية التعلم المُعزز، وهو ما قد يؤدى إلى فقدان وظائف عديدة للكثيرين من المحترفين فى مجالات مختلفة.
عمومًا..العقل البشرى مُهدد بالتوقف عن العمل، وملايين الوظائف مهددة بالضياع من أصحابها، والتطور التكنولوجى رهيب، ولكنه لم يعد تطورًا إيجابيًا، بل أصبح تطورًا قد يقضى عل مئات السنين من العلم والبحث والجهد الإنسانى.
صحيح هذا ما نسميه التقدم العلمى.. ولكنه العلم الذى قد يقضى على العقل البشرى!!