استكمالا لمقالى السابق، والذى حمل عنوانه إعصار الغرب للعصف ببلاد الشرق، إلا أن نشير النظر والتطلع إلى عنوان هذا المقال عاليه، فى خصوصية التأصيل الوطنى لعظمة قائد رفع راية الضمير والأخلاق، وإِيمَانًا صادقًا منه وعزيمة وطنية راسخة، فيما يطمئن إليه ضميره الإنسانى لإنقاذ وطنه وشعبه، حيث استطاع التحدّى والتصدى، وكبح جماح إعصار الغرب المدمر، الذى اكتسح بلادا عربية بسرعة عواصف، حتى صارت أشلاء دول فقدت سيادتها وتفككت مؤسستها، وأصبحت أوطانًا مستباحة لكل جرائم العدوان، والأمر الواقع فى ذلك مثلما يحدث لسوريا والعراق وليبيا والسودان واليمن.
إن يقظة «الرئيس عبدالفتاح السيسى» وترقبه للأحداث، قد فطن لها وتنبأ للخطر القادم لمصر من جهة الشرق، فقد عمل على حماية حصنها الطبيعى «سيناء»، فقد وجد سيادته نفسه مضطرًا لإصدار قانون يقيد تملك الأجانب للأراضى فى «سيناء» عام 2013، وهذا يدل على أن هناك خاطر يرد على ذهنه بعقليته كقائد للمخابرات الحربية، فى ظل حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، ثم كان وزيرًا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة فى عهد حكم جماعة الإخوان البائد، فيكون السبب الذى حمله على إصداره لهذا التشريع، وغايته التى توخاها فيما يزكى وجوده ويؤيد نتائجه، هو حماية أرض التيه والرسل والأنبياء، من أى زحف عدوانى وتأمينها ضد أى اعتداءات قد تقع على هذه البقاع المقدسة، تحت أى تفاوت من الأسباب وما يرتسم من المسببات، حتى إذا كانت فى شكل مشاريع تنموية واستثمارات صناعية أو تجارية، لأن الغاية الأسمى والأعلى من هذا القانون هو كبح جماح الطامعين فى هذا الحصن الحصين، ومنع توطيد قدم أى أجنبى فيها.
من المؤكد أن ما حدث فى 25 يناير من عام 2011، أكبر محنة تعرضت لها مصر عبر تاريخها الحديث، كانت بمثابة أحداث هوجاء وريح عاصف، خططت لها أجهزة مخابرات دولية، ودعمته ماليًا وإعلاميًا جهات إقليمية، لخلق حالة من الاضطرابات والفوضى تشمل كل أركان الدولة، حتى صار الجهلاء والفوضويون معول هدم لتدمير البلاد، ومن الأشياء المؤلمة كانت هناك أعداد كبيرة من الأيديولوجيات المختلفة تذعن لهم، والتى تبدأ دائما من التيارات اليسارية، ومن يرتدى رداء الناصرية الزائفة، وجماعات الإسلام السياسى، وكانت نتيجة ذلك اضطربت الأحوال فى البلاد أخلاقيًا وأمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وكادت أن تعصف بالمجتمع أزمة أخلاقية، تهدد النسيج الاجتماعى لأبناء الوطن الواحد لم تكن ذلك مألوفة عند المصريين من ذى قبل، فاشتد بينهم الجدال والمشاحنات والخلافات دون وعى أو تثقيفًا سياسيًا، حتى ثقافة الإيمان فى اختلاف الرأى، كان الجميع يجهلها جهلًا تامًا بغباء مطبق فى التعبير، بل رمى كل من كان ينتمى إلى حزب بعينه بالفساد والخيانة والعداء للدولة، وأصبحت الفوضى ثورة والذين يعبثون فى منشآت الدولة ثوارا، ومن يقتل وهو يقوم بتخريبها أو سلبها يطلق عليه شهيدا، وفى بعض المناطق الأهالى يطلقون على الشارع اسمه، ومن يستشهد من الأجهزة الأمنية دفاعًا عن منشآت الدولة الاقتصادية، يقولون عليه كان يهاجم الثوار ويعتدى عليهم، صراحة آراء استنكرها الجميع، وألفاظ لا ينطق بها إلا الماجون، وفى النهاية تمخضت الأحداث بوصول جماعة الإخوان للحكم.. وللحديث بقية إن شاء الله.