رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

من الطين يولد الفن.. صناعة الفخار بقرية إدفينا بالبحيرة حكاية تراث يتحدى الزمن

الحاج مجدى الفخراني
الحاج مجدى الفخراني صناع الفخار

على ضفاف نهر النيل الخالد، حيث تختلط رائحة الطين بعبق التاريخ، تقف قرية إدفينا التابعة لمركز رشيد بمحافظة البحيرة شاهدة على مهنة ضاربة بجذورها في أعماق الحضارة المصرية، مهنة صنعت أمجاد الفراعنة وما زالت تُمارس حتى يومنا هذا إنها صناعة الفخار.

في تلك القرية، يجلس الحاج محمد الفخراني، أحد أقدم صناع الفخار في المنطقة، وقد جاوز الخمسين من عمره، لكنه ما زال يمارس عمله بحب وإتقان، كأن يديه تحفظان أسرار هذه المهنة العريقة منذ آلاف السنين.

يقول الفخراني بابتسامة تحمل مزيجا من الفخر والرضا: "الفخار ده عمره من أيام الفراعنة، وإحنا ماشيين على خطاهم، بنصنعه بنفس الحب ونفس الروح، علشان يفضل شاهد على أصالة مصر".

مهنة متوارثة عبر الأجيال

يؤكد الحاج مجدى الفخراني أن صناعة الفخار لم تكن يوما مجرد حرفة لكسب الرزق، بل هي ميراث ثقافي وفني تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل.

ويضيف مجدى: "أنا ورثت المهنة من أبويا، وهو ورثها من جدي، وعلّمت أولادي كمان، علشان تفضل الحرفة موجودة، وما تندثرش وسط زحمة الصناعات الحديثة".

ويشرح مراحل التصنيع بدقة، بدءا من جمع الطين وتجهيزه، مرورا بعجنه وتليينه بالماء حتى يصبح صالحا للتشكيل، ثم وضعه على "الدولاب" الذي يدور بقدميه بينما تتشكل بين يديه قطع فخارية بأشكال مختلفة، من القلل والزير إلى الأواني وأدوات الزينة، وبعد ذلك تترك القطع لتجف في الشمس قبل أن تدخل الأفران التقليدية التي تضفي عليها قوتها وصلابتها.

 

الفخار.. فن وحياة

لا يخفي الفخراني حبه الشديد لمهنته التي يعتبرها فنا أكثر من كونها صناعة، يقول: كل قطعة فخار بتخرج من تحت إيدي ليها روحها الخاصة، مفيش قطعتين زي بعض بالظبط.. وده سر جمال الفخار.

ورغم أن الفار قد يبدو بسيطا في عيون البعض، إلا أن قيمته تظل كبيرة، خاصة في القرى المصرية التي ما زالت تعتمد على القلل والزير في تبريد المياه بشكل طبيعي دون الحاجة إلى الكهرباء، فضلا عن استخدام الأواني الفخارية في طهي الطعام بطريقة تمنحه مذاقا مميزا وصحيا.


تحديات وصعوبات

لكن المهنة العريقة لا تسير على وتيرة واحدة، فقد واجهت وما زالت تواجه تحديات كبيرة.

يشير الحاج مجدى الفخراني إلى أن الإقبال على الفخار تراجع في السنوات الأخيرة بسبب انتشار المنتجات البلاستيكية والمعدنية الأرخص ثمنا والأكثر شيوعا، كما أن ارتفاع أسعار الطين والوقود المستخدم في الأفران جعل تكلفة الإنتاج عالية مقارنة بسعر البيع.

ويضيف الفخراني بحزن: "زمان كنا بنبيع كتير، النهارده السوق ضيق، والشباب مش عايز يتعلم الحرفة.. بيقولوا مش مربحة، وعايزين يشتغلوا أي حاجة تانية ويتعلموا ، وأنا خايف ييجي يوم نلاقي المهنة اندثرت خالص".

الحفاظ على التراث

رغم كل الصعوبات، يصر الحاج محمد على الاستمرار في عمله، متمسكا بميراث الأجداد، يرى أن صناعة الفخار ليست مجرد مصدر رزق، بل واجب وطني وثقافي يجب الحفاظ عليه.


ويضيف: "إحنا مش عايزين حاجة غير إن المهنة تفضل عايشة.. الفخار ده مش بس أواني، ده تاريخ مصر وتراثها".

 

الفخار والسياحة
يقول مجدى الفخراني صناعة الفخار يمكن أن تكون عنصر جذب سياحي قوي إذا ما جرى استثمارها بالشكل الصحيح، فالزائر الأجنبي يندهش حين يشاهد الحرفي المصري يشكل الطين بيديه العاريتين ليحوله إلى قطعة فنية جميلة.


حلم الأجيال

يحلم الحاج محمد الفخراني أن يرى أحفاده يكملون المسيرة، وأن تبقى ورشته الصغيرة في إدفينا منارة للحرف اليدوية الأصيلة.

ويختم حديثه قائلاً: "أنا همي كله إن الفخار يفضل عايش بعدي.. علشان لما الناس تشوف قطعة فخار، تفتكر مصر، وتفتكر إننا أول ناس عرفوا يحولوا الطين لتحفة خالدة".

بهذا يظل الفخار المصري شاهدا حيا على عبقرية الإنسان المصري منذ آلاف السنين، وصناعة الحاج محمد الفخراني وأخيه الحاج مجدى الفخراني وأولاده ليست مجرد مهنة، بل هي حكاية عشق بين الطين والإنسان، بين الماضي والحاضر، تنتظر من يمد لها يد العون لتظل نابضة بالحياة لأجيال قادمة.

 

 

1000176772
1000176772
1000176781
1000176781
1000176778
1000176778
1000176776
1000176776
1000176777
1000176777
1000176774
1000176774
1000176794
1000176794
1000176788
1000176788
1000176791
1000176791
1000176783
1000176783
1000176796
1000176796
1000176792
1000176792
1000176780
1000176780
1000176784
1000176784
1000176779
1000176779
1000176793
1000176793
1000176789
1000176789
1000176785
1000176785
1000176787
1000176787
1000176782
1000176782
1000176795
1000176795
1000176790
1000176790
1000176773
1000176773
1000176775
1000176775
1000176771
1000176771
1000176770
1000176770