رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

على فكرة

لم أتعاطف مع تعليقات السخرية والشماتة، التى فاضت بها وسائل التواصل الاجتماعى على الهجوم الإسرائيلى على القيادة السياسية لحماس فى قلب العاصمة القطرية الدوحة، بما أدى إلى اغتيال خمسة فلسطينيين وضابط قطرى، ليس من بينهم قادة وفد حماس المفاوض. ليس فقط لأن دولة عربية يجرى الاعتداء على سيادتها، بل كذلك لأن الرسالة التى يحملها العدوان هى أبعد مدى من ملاحقة قادة حماس، بما تنطوى عليه من عنجهية إسرائيلية تستخف بدول المنطقة، ومن تهديد وقح عبّر عنه رئيس الكنيست الإسرائيلى، بأنه رسالة لكل دول الشرق الأوسط، وأكده نتنياهو بقوله بأن إسرائيل لها الحق فى التدخل العسكرى أينما تشاء، لكى يصبح التساؤل العربى الأول: لمن سيوجه نتنياهو ضربته القادمة، وليس كيفية العمل على وقف تلك البلطجة الإسرائيلية!

ولم أعرف مصدرا لمشاعر الصدمة من العدوان، التى أصابت بعض المعلقين، اللهم التماهى مع الصدمة القطرية، التى ظنت الدوحة أن تحالفها الاستراتيجى منذ العام 1992 مع الولايات المتحدة، واحتضانها لقاعدة العديد كأكبر مركز للعمليات الجوية الأمريكية فى العالم، واستضافتها لمقر القيادة المركزية الأمريكية، وإنفاقها عشرات المليارات عليها، بعدما انطلق منها الغزو الأمريكى للعراق واحتلاله فى العام 2003، سوف يشكل حصانة لها من أى عدوان، وهو ما يعد من نوع الظنون الآثمة!

فكل الشواهد، منذ هجوم فصائل المقاومة الفلسطينية، على إسرائيل فى السابع من أكتوبر 2023، وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت تؤكد ما بات يحدث بالفعل ويهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. فنتنياهو يعلن بوضوح عزمه تغيير خريطة الشرق الأوسط، وإعادة رسم موازين القوى بالإقليم، مدعوما بتجاهل غربى لجرائمه، وبمساندة غير مشروطة من الولايات المتحدة الأمريكية فى إدارتى بايدن وترامب.

وفى هذا السياق يمضى فى مخططه نحو تهجير قسرى لأهل غزة بالتجويع والقتل ونسف المبانى وإنهاء الوجود الفلسطينى فى الضفة، واحتلال أجزاء من الأراضى السورية، وعرقلة كل محاولة لاستقرار لبنان، ومواصلة القتال مع الحوثيين فى اليمن، سعيا لتحقيق رؤيته التوراتية الحالمة بإسرائيل الكبرى.

لن تجدى أى محاولة قطرية للتلاعب بالكلمات لتبرير التواطؤ الأمريكى على العدوان، بالقول إنه موجه لحماس وليس للإمارة الخليجية. لقد غلّبت واشنطن مصالحها مع إسرائيل حليفها الرئيسى فى المنطقة، على مصالحها الاستراتيجية مع الدوحة. ولعل الدرس الأول الذى يجب على قطر أن تستخلصه، هو إعادة النظر فى سياساتها العربية والخليجية خلال العقدين المنصرمين، التى شكلت خلالهما مصدرا لزعزعة دول الإقليم وهز استقرارها بدعمها المالى والسياسى والدعائى لجماعة الإخوان والتيارات الدينية المتطرفة فى سياق هدم الدولة الوطنية.

وليت الدول الخليجية التى قبلت بتطبيع علاقتها الاقتصادية والتكنولوجية والمخابراتية مع إسرائيل، تدرك أنها لم تدفع إسرائيل للاعتدال، بل لمزيد من العنف وغرور القوة، وأنها ليست بمنأى عن عدوانها. وعلى من عملوا على إضعاف الجامعة العربية، وممارسة شتى الضغوط لتعديل ميثاقها لكى يصدر القرار العربى بالأغلبية وليس الإجماع، وعلى إماتة اتفاقية الدفاع العربى المشترك والتعاون الاقتصادى، أن يعترفوا بمدى الخسائر التى لحقت من جراء ذلك بالمصالح الخليجية والعربية.

فى عام 2015 وافق مجلس الجامعة العربية على اقتراح من الرئيس السيسى بإنشاء قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومى العربى، من بين مهامها التدخل العسكرى السريع لمواجهة شتى أنواع التهديدات. ومن هنا نبدأ، فلا بديل للقمم العربية والإسلامية والخليجية التى ستعقد بعد يومين سوى الاعتماد على الذات فى حماية الأمن القومى العربى، وإحياء المقترح المصرى، بدلا من البكاء على خيانة الحلفاء، والاسترسال فى وهم التأثير على «ترامب» لمنع الضربة الإسرائيلية المقبلة!