أسباب التوحد..6 فرضيات علمية تثير الجدل حول علاقة البيئة والحمل وأسلوب الحياة

التوحد .. في خطوة وُصفت بالمثيرة للجدل، تعهّد وزير الصحة الأمريكي روبرت ف. كينيدي الابن بنشر قائمة "أكيدة" بالأسباب البيئية التي يرى أنها مسؤولة عن التوحد، وهو اضطراب نمائي يؤثر حاليًا على واحد من كل 100 شخص حول العالم.
وقال كينيدي إن فريقه سيكشف هذه القائمة "قبل نهاية سبتمبر"، بهدف القضاء على ما وصفه بـ"وباء التوحد".
تزامن هذا التصريح مع تصريحات مثيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي وصف ارتفاع معدلات تشخيص التوحد بـ"عرض رعب هائل"، ما أثار استياء الأوساط الطبية، محذرين من أن تصوير التوحد كمرض يمكن علاجه قد يفتح الباب أمام علاجات زائفة وخطيرة، مثل "الأنظمة الغذائية التطهيرية" والتدخلات غير المثبتة.
وفي الوقت الذي أظهرت فيه الدراسات الكبرى عدم وجود صلة بين اللقاحات ومرض التوحد، يُقر عدد متزايد من العلماء بأن بعض العوامل البيئية قد تلعب دورًا جزئيًا، خاصة في ظل الارتفاع الحاد في أعداد الحالات، والذي تجاوز 800% خلال العقدين الماضيين. وفيما يلي أبرز الفرضيات التي يبحثها الباحثون:
1. مرض السكري أثناء الحمل
تشير الدراسات إلى أن إصابة الأم بالسكري، خاصة سكري الحمل، ترفع خطر إصابة الطفل بالتوحد بنسبة تصل إلى 25%. يؤثر المرض على الهرمونات داخل الرحم، ما ينعكس على نمو الدماغ.
2. تلوث الهواء
توصلت مراجعات علمية إلى أن استنشاق ملوثات الهواء الدقيقة، سواء خلال الحمل أو الطفولة المبكرة، قد يؤدي إلى التهابات في الدماغ واضطراب النمو العصبي. ويُوصي الخبراء بتقليل التعرض للهواء الملوث عبر خطوات بسيطة مثل إغلاق النوافذ أثناء الذروة وتجنّب الطرق المزدحمة.
3. عمر الوالدين
ترتفع احتمالية إصابة الطفل بالتوحد كلما تقدم الأب أو الأم في العمر. وجدت دراسة كبرى أن الآباء فوق سن الخمسين أكثر عرضة بنسبة 66% لإنجاب طفل مصاب، بينما ترتفع النسبة لدى الأمهات في الأربعينيات بنسبة 15%.
4. نقص حمض الفوليك
يُعد حمض الفوليك، الموجود في الخضراوات الورقية والمكملات، ضروريًا لتكوين الحمض النووي ونمو الدماغ. وتشير الأبحاث إلى أن نقصه في الأشهر الأولى من الحمل قد يزيد من خطر الإصابة بالتوحد، وهو ما دفع خبراء إلى الدعوة لتعزيز استهلاك الأمهات له قبل الحمل وخلاله.
5. السمنة أثناء الحمل
وجدت مراجعة شاملة شملت بيانات من 3.6 مليون أم أن السمنة تُضاعف احتمالات الإصابة بالتوحد لدى الأبناء. يُعتقد أن الالتهابات واضطراب الهرمونات المصاحب للسمنة قد يؤثران سلبًا على النمو العصبي للجنين.
6. استخدام مسكنات الألم
أشارت دراسة أمريكية نُشرت مؤخرًا إلى وجود علاقة بين تناول الباراسيتامول أثناء الحمل وزيادة احتمالية الإصابة بالتوحد. يُعتقد أن هذا المسكن قد يُحدث خللًا في تنظيم الهرمونات الحيوية لنمو دماغ الجنين.
اللقاحات: لا علاقة مثبتة
رغم استمرار بعض الشخصيات العامة، بمن فيهم كينيدي، في تكرار المزاعم حول صلة اللقاحات بالتوحد، لا تزال الأبحاث العلمية تؤكد عدم وجود أي علاقة. وقد أُدينت دراسة الطبيب البريطاني أندرو ويكفيلد، التي روّجت لهذه النظرية، بتضليل الجمهور، وتم سحب ترخيصه المهني لاحقًا.
بين الأمل والمبالغة..هل تُشكل الفيتامينات أملًا حقيقيًا؟
قصة رايان بالدريدج، الطفل الأمريكي الذي تحسن بشكل ملحوظ بعد تناول مكملات حمض الفوليك، أعادت الجدل حول فعالية هذه العلاجات. لكن خبراء يؤكدون أن هذه الحالات تبقى فردية، وأن الدراسات الواسعة ما زالت محدودة. لذا، لا تُوصى هذه المكملات كعلاج شامل، بل كوسيلة دعم محتملة.