اتجاه
حان الوقت، لأن تنكفئ الخدعة الحقيرة، التى يبتز بها اليهود، أيا من ينتقد أو يعترض، على سياسات القتل والإبادة والتجويع، التى يتباهى جيش الاحتلال الإسرائيلى، بإيقاعها يوميا فى قطاع غزة.. السياسيون فى «تل أبيب»، فى المقدمة منهم، بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، والوزراء المتطرفون، يواجهون كل من ينتقدهم، ولو حتى من حلفائهم، بالسلاح الخدعة «معاداة السامية»، وهو ادعاء فى غير مساره أو مَدعَاة، القصد منه، الخلط المتعمد بين الظلم والعنصرية، لتنتهى الخدعة لصالح «المظلومية» الزائفة، ما تدعيه اليهودية منذ القرن الـ19 فى أوروبا، وصاغته- سياسيا- مرادفا للعنصرية ضد اليهود، بالتوازى مع «التهويل» الانتهازى للمحرقة النازية «الهولوكوست».
< وثائق التاريخ، تقول إن السامية، ليست حكرا على إسرائيل وحدها، وما دون نسبها إلى «سام» ابن سيدنا «نوح»، فإن الساميين هم شعوب تجمعهم خصوصية لغوية، مُعرَفة بـ«اللغة السامية»، واحدة من تفرعات اللغات الأفرو- آسيوية، توثق الذاكرة التاريخية، أنها شعوب العرب، واليهود «العبرانيين»، تلاهم الأشوريون والكلدانيون والأراميون «بين النهرين»، فى العراق وسوريا، ثم الفنيقيون «الكنعانيون» فى شرق البحر المتوسط، فى سوريا ولبنان وشمال فلسطين، والأمهرة والتيجراى فى «إثيوبيا»، وبالتالى تكون المحصلة، أن«السامية» مجرد تصنيف لغوى- ثقافى، ولا يتصل بأى تعريف قومى أو دينى، وبمفردات التاريخ واللغة، فإن العرب ودونهم كما اليهود ساميون.
< وبالحقيقة التاريخية، لا يحق احتكار اليهود لمصطلح «معاداة السامية»، واستغلاله سلاحا سياسيا تطارد به، كل من يتجرأ على انتقاد سياسة إسرائيل العدوانية، وقد طالت هذه المطاردات - ولا تزال- شخصيات سياسية وحكومات ونشطاء حول العالم، تتهمهم بكل «بجاحة»، بأنهم أعداء للدولة اليهودية، وبهذا الغلو فى استغلال المصطلح، وترسيخ الفكرة، بأنه يقتصر على كل من يعادى إسرائيل، هو تحريف «عمدى» لمفهوم أكثر توسعا، إلى أن اكتسب الدلالة السياسية الأكثر تأثيرا، على وجه الخصوص فى دول أوروبا وأمريكا، يتحدثون به كما لو أنه تعبيرا عن العنصرية ضد اليهود، وقد وقعوا فى الفخ، عندما قبلوا بأن اليهودية والصهيونية، كلاهما الشيء نفسه.
< مع أن الصهيونية مجرد أيديولوجية سياسية، تقبل الانتقاد والتفسير، وليست عرقا أو ديانة، لكن الاستخدام المضلل لمصطلح «معاداة السامية»، يفرغ عنه المعنى الحقيقى، وتستغله إسرائيل سياسيا- سلاحًا- لتجريم كل المواقف الأخلاقية، إذا ما تبنت رفضا للاحتلال والإبادة فى فلسطين، ولم يستثن العرب من ذلك، بالرغم من أنهم «ساميون»، ولا ينبغى- منطقيا- اتهام من هم ساميون بـ«معاداة السامية»، لكنه «التبجح» الإسرائيلى، الذى يعكس احتكار كل شيء، حتى فى تسويق الخلط العمدى، بين اليهودية كـ«دين»، والصهيونية كـ«حركة سياسية»، وهنا جوهر الخدعة، فى تضخيم «معاداة السامية»، والازدواجية فى التعاطى بحدة مع «الكراهية» لليهود، وتجاهل «الإسلاموفوبيا» أو العنصرية ضد المسلمين العرب.
< لا أحد ينكر أن هناك معادين للسامية، التى ليست قاصرة على إسرائيل طبعا، لكن الخدعة اليهودية- فى العلن والأحداث- تتقن إسرائيل الطريقة والكيفية، فى توظيف مفهوم «معاداة السامية»، بأدوات وأسلوب زائف، لترهيب وتهديد الأصوات الحرة، إذا ما تجرأت على انتقاد جرائمها وعدوانها المتواصل فى فلسطين، وقطاع غزة تحديدا، وفى التخطيط، العمل نحو هدف سياسي، لحماية السلطة والنفوذ، تحت ستار مظلومية تاريخية، هى مجرد سلاح لتبرير جرائم الاحتلال والقتل، وليس لحماية الأقلية «المُحتَلة».. إنها الصورة الواقعية لخدعة «معاداة السامية»، ولطالما كانت خدعة «قرن» من الزمان، يدفع ثمنها العرب.. ومادام العرب ساميين مثل اليهود، تبقى المعاملة بالمثل..أليس كذلك؟