رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

لأول مرة فى مصر: (البنكرياس الصناعى)

بوابة الوفد الإلكترونية

إنقاذ 1250 طفلاً فى المرحلة الأولى بالمجان
خطط مستقبلية لتصنيع الأجهزة محلياً لتوسيع النطاق
الاتحاد الدولى للسكرى.. مصر من أعلى الدول الإصابة بالسكرى
16 مليون مصرى مصاب بالسكر ومصر بين أعلى 10 دول فى معدلات الإصابة والأولى أفريقيا.
د. أسامة حمدى: تكلفة الجهاز الواحد 400 ألف جنيه وسنبدأ من سن 8 إلى 18
 

فى تطور طبى هو الأول من نوعه داخل مصر، أُعلن البنكرياس الصناعى لعلاج مرضى السكرى من النوع الأول، فى خطوة توصف بأنها «قفزة نوعية» فى إدارة هذا المرض المزمن الذى يؤثر على ملايين المصريين. يمثل هذا الإعلان محطة مفصلية فى تاريخ الرعاية الصحية، ينقل مصر من الاعتماد على العلاجات التقليدية التى تستهلك وقتاً وجهداً يومياً من المرضى، إلى الاعتماد على التكنولوجيا الذكية التى تحاكى عمل البنكرياس الطبيعى بدقة وفعالية، حيث أعلن مؤخراً وفى خطوة غير مسبوقة عن بدء تطبيق تقنية البنكرياس الصناعى لعلاج مرضى السكرى من النوع الأول، فى مستشفى «الناس» الخيرى، لتكون بذلك أول مؤسسة طبية فى البلاد تتبنى هذه التكنولوجيا المتقدمة. الإعلان يأتى فى ظل تصاعد لافت لمعدلات الإصابة بمرض السكرى فى مصر، والذى يُعد من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً، لا سيما بين الأطفال والشباب.
والبنكرياس الصناعى، أو ما يُعرف طبياً بنظام التوصيل المغلق (Hybrid Closed-Loop System)، يُعد تحولاً علمياً نوعياً فى آليات التعامل مع المرض، إذ يجمع بين أجهزة استشعار لمراقبة مستوى السكر فى الدم بشكل لحظى، ومضخة إنسولين ذكية تضبط الجرعات تلقائياً بناءً على بيانات يتم تحليلها آلياً. هذه التقنية تحاكى بشكل شبه كامل وظيفة البنكرياس الطبيعى، وتقلل من الحاجة للقياس اليدوى المتكرر للسكر، ومن احتمالات الخطأ البشرى فى تقدير جرعات الأنسولين.
لكن أهمية هذا الحدث لا تقف عند الجانب العلاجى فقط، بل تمتد إلى ما هو أوسع، فهو يمثل فتحاً جديداً فى أفق التحول الرقمى للرعاية الصحية فى مصر، ويؤشر إلى استعداد المنظومة الطبية المحلية لمواكبة أحدث ما توصل إليه الطب العالمى فى إدارة الأمراض المزمنة.
وتتجلى أهمية وضرورة بدء التطبيق العملى للبنكرياس الصناعى إذا علمنا أنه.. ووفقاً للاتحاد الدولى للسكرى لعام 2024، بلغ عدد البالغين (20–79 عاماً) المصابين بالسكرى نحو 13.2 مليون شخص، بنسبة انتشار تبلغ حوالى 22.4% من إجمالى البالغين فى مصر، ويُصنف ضمن أعلى المعدلات عالمياً. وفى دراسة أخرى تشمل الحالات غير المشخّصة، تم تسجيل ما يقرب من 10.93 مليون مصاب معروفين، بالإضافة إلى 6.8 مليون حالة غير مشخصة، ما يجعل إجمالى المصابين فى مصر يصل إلى ما يقرب من 16 مليون شخص.


وعلى صعيد الأطفال، تشير الإحصائيات إلى وجود نحو 200 ألف طفل مصاب بالسكرى فى مصر، منهم 90% يعتمدون بشكل كامل على الإنسولين. وتبرز دراسة عن دلتا النيل زيادة واضحة فى حالات السكرى من النوع الأول لدى الأطفال، حيث ارتفع معدل انتشار المرض من 1.9 حالة لكل 100 ألف طفل عام 1996 إلى 26.8 حالة لكل 100 ألف طفل عام2011 .. وصلت لأكثر من ذلك خلال 2024. أرقام تعكس واقعاً مؤلماً، من انتشار واسع للسكرى بين البالغين يشكل تهديداً صحياً كبيراً، ووجود عدد ملحوظ من الأطفال المصابين يضفى بعداً إنسانياً واجتماعياً للمعاناة. واقع يجعل تطبيق تقنية البنكرياس الصناعى نقلة نوعية بتحويل العلاج إلى نهج ذكى يحاكى عمل البنكرياس الطبيعى، بمتابعة أوتوماتيكية لمستوى السكر وضبط تلقائى للانسولين، ما قد يخفف من أعباء المرض على الأطفال والبالغين معاً.
< الحلم يتحقق
فى مصر، أعلن الدكتور أسامة حمدى، أستاذ السكر بجامعة هارفارد، أن البنكرياس الصناعى سيُطبق قريباً لأول مرة فى مستشفى الناس الخيرى، حيث هناك متابعة لحوالى 1250 طفلاً مصاباً بالسكرى من النوع الأول، وتم تزويد معظمهم بأجهزة قياس مستمر تمهيداً لهذه المرحلة. وتبلغ تكلفة الجهاز الواحد 350–400 ألف جنيه مصرى، مع تكاليف تشغيل شهرية تقدر بـ35–40 ألف جنيه. وأكد أن الدعم الخيرى سيغطى التكاليف المبدئية، وهناك خطط مستقبلية لتصنيع هذه الأجهزة محلياً لتوسيع النطاق.. وعن فوائد البنكرياس الصناعى مقارنة بمضخة الانسولين أكد وصرح بأن انضباط السكر أفضل بمراحل، ويمكن تحديد المستوى الذى تريد ضبط السكر عليه، ونادراً ما يصاب الطفل بانخفاض أو ارتفاع السكر الشديد، خاصة فى أثناء النوم، ومع الوقت يتكيف البنكرياس الصناعى مع جسم الطفل وحاجاته، ويضبط السكر ضبطاً دقيقاً جداً. 


وأوضح أن أنواع البنكرياس الصناعى المتوافرة حالياً مجموعتان:
المجموعة الأولى تضخ الأنسولين إلى داخل الجسم من خلال قسطرة رفيعة تنتهى بإبرة تحت الجلد، والمجموعة الثانية تُلصق مباشرة على الجلد، وبدون قسطرة، ويندرج تحت كل مجموعة أنواع عدة وفى مستشفى الناس سنستخدم واحداً من كل مجموعة مما سبق لإتاحة فرصة أكبر للمريض فى الاختيار بين ما يناسبه، مع توقع التوسع فى المستقبل لاستخدام جميع الأنواع الأخرى لنماثل الغرب تماماً. وأشار إلى أن هذه الأجهزة ستركب بالكامل مجاناً للأطفال المرضى بالسكر وبمعايير دقيقة، أهمها المتابعة المسبقة لمدة 3 أشهر مع فريق السكر بمستشفى الناس، والالتزام باستمرار المتابعة مع الفريق (وهى مجانية تماماً). كذلك معرفة كمية النشويات فى الأكل، وأن يكون الطفل وأحد والديه قادرين على استخدام التكنولوجيا، مع توافر تليفون محمول بسعة جيدة، وباقة إنترنت. 
وأكد دكتور أسامة حمدى عبر منشور له أنه فى المرحلة الأولى سنركب هذه الأجهزة للأطفال من سن 8 إلى 18 سنة، وفى المرحلة الثانية سيتم التركيب للأطفال فى سن أصغر. ولكن يشترط أن يكون الطفل متابعاً معنا فى مستشفى الناس، والمتابعة مجانية. وسيوضع الجميع بدون استثناء فى قائمة انتظار عند توافر جميع العوامل الإكلينيكية المؤهلة لتركيب البنكرياس الصناعى، ويتم التركيب حسب الأولوية من هذه القائمة.
مخاوف مشروعة
رغم مزايا البنكرياس الصناعى من تحسين التحكم فى مستويات الجلوكوز والحد من نوبات نقص السكر وارتفاعه وتحسين جودة الحياة وتقليل الأعباء اليومية للمرضى..هناك تحديات ومخاطر عدة بحسب الدكتور محمود فؤاد مدير مركز الحقوق فى الدواء تتمثل فى:
< التكلفة العالية، وتكاليف التشغيل الشهرية، وهى عامل رئيسى يقف أمام الكثيرين.
< تقنية معقّدة وتحتاج صيانة: تغيير الحساسات والمضخة، إدخال بيانات الوجبات بصورة دقيقة، المتابعة الفنية المستمرة.
< خلل تقنى أو خطأ فى الخوارزميات قد يؤدى إلى جرعة خاطئة من الانسولين، ما قد يسبب نقصاً خطيراً فى السكر.
< المهارات التقنية للمستخدم، خاصة من ذوى التعليم الأقل، قد تحد من الاستخدام الفعّال.
وأشار مدير مركز الحقوق فى الدواء إلى اهم التوصيات التى يجب رعايتها قبل التطبيق أو التعميم للتقنية الجديدة تبدأ بضرورة توفير برامج تدريبية مستمرة للمصابين وأهاليهم، وللكوادر الطبية، لضمان الاستخدام الآمن والفعّال. عمل شراكات مع القطاع الحكومى والخاص لتخفيض تكلفة الأجهزة والعلاجات كما حدث مع مبادرة مكافحة فيروس C، وصولاً إلى البحث المحلى لتقدير حاجة البلاد الحقيقية من المرضى المستهدفين وتكاليف الدعم والتمويل، خاصة مع ازدياد معدلات السكرى من النوع الأول والثانى.
..وتبقى كلمة
تقنية البنكرياس الصناعى تقدماً طبياً ثورياً فى إدارة السكرى بدأته بريطانيا منذ زمن، وتطبيقها فى مصر يُعد خطوة واعدة. المزايا تشمل مراقبة دقيقة وجودة حياة أفضل، لكن التكلفة، التعقيد التقنى، والحاجة للدعم الفنى تمثل تحديات جدية. مصر بحاجة لهذه التقنية، خصوصاً فى ظل ارتفاع نسب السكرى، ولكن نجاح التطبيق يتطلب تأمين التمويل، التدريب، والدعم الفنى المتواصل..ومن ثم إتاحة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص وإزالة أى معوقات.