رؤية
لا توجد عندنا خدمات صحية مجانية بعد أن بات كل شىء بالفلوس.. الحكومة ترفع شعار «ادفع علشان أى شىء» وتشترط أن يكون الدفع مقدماً.
ما حدث أمس الأول فى مستشفى الهرم من إهمال أودى بحياة الإعلامية «عبير الأباصيرى» يجب ألا يمر مرور الكرام، لكنه أمر يستوجب محاسبة المسئول عن صحة المصريين وهو وزير الصحة، الذى تراجعت الخدمات الصحية فى عهده إلى أدنى مستوياتها.
ماذا يعنى ترك مريضة بلا رعاية صحية داخل أحد المستشفيات التابعة للوزارة حتى الموت، لحين سداد 1400 جنيه؟
تظل وفاة الإعلامية «عبير الأباصيرى» مثالاً مأساوياً لقضايا الرعاية الصحية فى مصر.. وبات إهمال المستشفيات قضية حياة أو موت فى كثير من الحالات بعد أن كشف تراجعاً كبيراً فى حق الصحة للجميع.
إذا كان من الغريب وجود روايات شهود تؤكد حدوث الواقعة، وأن الأطقم الطبية داخل مستشفى الهرم، تركت المريضة تعانى دون علاج، فإن الأغرب جاء فى بيان أصدرته وزارة الصحة - الراعى الرسمى لصحة المصريين - ينفى وجود تقصير من جانب المستشفى، فالبيان جاء هزيلاً، ولم يلق القبول لدى الكثيرين.
باتت قصص المرضى والكوادر الطبية داخل المستشفيات الحكومية عناوين حياتية يومية فى عديد من المحافظات، وأصبح الدخول إلى المستشفى معادلة معقدة بين الانتظار والصحة والحق فى الرعاية داخل بعض الأماكن، ويقف المريض بين غرف الانتظار وصالة الاستقبال، وهو يسمع صدى صرخات ألم لا يجد لها منقذاً أو دواءً، أو تشخيصاً مناسباً.
هذه الصورة المأساوية ليست ضمن مشهد درامى، بل هى واقع مرير، يواجهه كثيرون يومياً فى مستشفيات وزارة الصحة التى يُفترض أنها مركز الرعاية الصحية الأول فى مصر، ولا شك أن الأزمة تتطلب إصلاحاً جذرياً وإرادة واضحة، شريطة توفير التمويل اللازم والشفافية فى الإدارة والتخطيط الجيد، عندها يمكن أن تتجاوز المستشفيات كبوتها وتعود لدورها الأساسى كمراكز للرعاية الشاملة والمتاحة للجميع، وليس مجرد مكان ينتظر فيه المرضى فرصتهم الأخيرة فى الحياة.
لو استمر الحال على ما هو عليه، فلن تكون «عبير» هى الضحية الأخيرة، فهناك كُثر يلقون حتفهم بسبب الإهمال الطبى فى صمت ولم يشعر بهم إلا ذويهم.. أما حالة «عبير» فقد قفزت إلى اهتمام الرأى العام بحكم وظيفتها، وسوف يكون هناك ضحايا جدد فى الطريق، طالما مرت الكارثة مرور الكرام بلا محاسبة وعقاب.
المنظومة الصحية فى المستشفيات الحكومية بحاجة إلى مراجعة شاملة لأنها تفتقر إلى أبسط الخدمات وهى عبارة عن هياكل خرسانية لا تقدم شيئاً للمرضى سوى العذاب والإهمال، كما أنها بحاجة أيضاً إلى وزير حازم وحاسم وآليات رقابية دقيقة.. فمن حق المواطن الحصول على الخدمة الطبية متى احتاج إليها دون مقابل وهذا أبسط حقوقه وفقاً للدستور والقانون.. وإلا فعلى الوزير أن يرحل!