رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

نور

الوزير الوفدى عثمان باشا محرم وزير الأشغال العمومية- الذى لا يتذكره إلا من يعرف قيمته- أغضب طه حسين عميد الأدب العربى ووزير المعارف فى حكومة الوفد الأخيرة غضبًا شديداً!
دراسة مهمة أعجبتنى كتبها المهندس طارق بدراوى كشفت عن طريقة كلام صدرت من عثمان محرم أغضبت طه حسين فى اجتماع مجلس الوزراء ولكن الخلاف انتهى برقى شديد يليق بوزراء وسياسيين وفديين!
حدث أثناء اجتماع مجلس الوزراء فى شهر أكتوبر عام ١٩٥٠ أن طلب الدكتور طه حسين وزير المعارف العمومية من محمود شوقى السكرتير العام لمجلس الوزراء إعادة قراءة إحدى فقرات مذكرة من المذكرات المعروضة لاتخاذ قرار فيها نظرًا، لأن معاليه لم يستمع لهذه الفقرة فى وضوح أثناء قراءة السكرتير العام له، إلا أن عثمان محرم باشا وكان يشغل منصب وزير الأشغال العمومية فى هذه الوزارة انبرى قائلًا: يا حضرات الزملاء كان واجبًا أن تقرأوا المذكرات قبل حضور جلسة المجلس. فتأثر الدكتور طه حسين وكظم غضبه لكن وضحت آثار الغضب على وجهه ولاحظ رئيس مجلس الوزراء مصطفى النحاس باشا ذلك، فطلب من وزير الأشغال العمومية عثمان محرم الاعتذار لوزير المعارف العمومية طه حسين، فقام إليه بكل سماحة نفس معتذرًا وقبّل جبينه.
لكن رغم هذا الموقف فإن النحاس نفسه كان يعرف أن عثمان محرم هو مهندس السياسة الذى لا يتكرر، ووزير الأشغال العمومية الذى صنع لهذه البلاد البنية الأساسية لمنظومة الرى الحديثة، ونتاج المرحلة الأهم فى تاريخ مصر، عندما كانت الكفاءة تقودك إلى الصدارة- بلاشك- وبدون واسطة.
الدراسة التى نقرأ بعض سطورها الآن تقول إن عثمان محرم باشا وهو وزير وفدى مهم لم يكن فى عمله العام يميز بين فرد وآخر من مواطنيه ولم يكن يفرق بين أرض وأرض أو إقليم وإقليم إذ كان يعتبر الأراضى الزراعية كلها لخدمة الناس جميعًا مع اختلاف مُلاكها.
فمثلا كان عبدالمجيد إبراهيم صالح وأخوه عبدالحميد إبراهيم صالح هما أول من رخّص لهما عثمان محرم باشا فى الرى الصيفى من ترعة النوبارية وكان لا يربطه بهما أى علاقة، فهما من الصعيد محافظة أسيوط ويمتان بصلة القرابة لأسرة محمود سليمان باشا والد محمد محمود باشا زعيم حزب الأحرار الدستوريين والخصم العنيد لحزب الوفد ورئيسه مصطفى النحاس باشا.
وفى الوقت نفسه رفض عثمان محرم باشا الترخيص لياسين سراج الدين فى الرى بنفس المنطقة، ومن المعروف أنه شقيق فؤاد سراج الدين باشا الذى كان من الرجال البارزين فى حزب الوفد والذى تقلد منصب السكرتير العام للحزب، وكان بمثابة الرجل الثانى فيه بعد رئيسه، وعلاوة على ذلك فقد تقدم مصطفى مرعى عضو مجلس النواب إلى عثمان محرم باشا فى يوم 24 يناير عام 1950 بطلب خاص بإنشاء كوبرى أمام بلده، فنظر إلى الطلب نظرة الوزير الذى يعتبر نفسه خادمًا لجميع مواطنيه لا يعرف منهم نصيرًا أو معارضًا فأعطى التعليمات بإقامة الكوبرى أمام بلد مصطفى مرعى.
كما تقدم يوسف الريدى بطلب خاص بإنشاء كوبرى على ترعة الإبراهيمية حتى يتيسر للأهالى الوصول إلى أراضيهم بالبر الغربى فوافق على إدراج الميزانية اللازمة لإقامة هذا الكوبرى بميزانية العام التالى لتقديم الطلب.
عثمان محرم باشا كان رجلًا منحازًا للطبقات الشعبية، وقد شهد المهندس أحمد عبده الشرباصى وزير الأشغال الأسبق بالدور الذى قام به شيخ المهندسين عثمان محرم باشا للبدء فى تنفيذ فكرة الإسكان الشعبى قبل ثورة 23 يوليو عام 1952 علمًا بأن أحمد عبده الشرباصى كان فى شبابه يختلف فى الميول الحزبية عن عثمان محرم باشا، ومع ذلك فعندما توفى عثمان محرم باشا عام 1958 وكان أحمد عبده الشرباصى وزيرًا للأشغال لم يتردد فى رثائه والإشادة به وذهب إليه البعض وسألوه كيف وهو وزير فى ثورة حاكمت عثمان محرم باشا أن يرثيه وكيف وهو من أعضاء حزب الأحرار الدستوريين أن يشيد ويرثى واحدًا من قادة الوفد، فسجل الشرباصى أن عثمان محرم باشا هو الذى بدأ مشروعات الإسكان الشعبى قبل أن تعرفه وزارات 23 يوليو عام 1952.
وعثمان محرم هو من قام بتكليف بعض المهندسين بوضع مشروع إنشاء وتأسيس نقابة لهم، وقد احتضنت وزارة الوفد هذا المشروع وصدرت مجلة المهندسين لتكون صوتًا لهذه النقابة، وهكذا تم تأسيس نقابة المهندسين على يد شيخهم عثمان محرم باشا وكان من أوائل الذين انضموا إليها وكان رقم عضويته هو (6) وتم اختياره نقيبًا.