شروط صارمة لإجراء تكميم المعدة للأطفال

أُثارت عملية تكميم المعدة موجة جدل واسعة، لما تحمله من أبعاد طبية، أخلاقية، واجتماعية.
وجهتا النظر:
المؤيدون:
يرون أن العملية كانت ضرورية من الناحية الصحية، خصوصًا إذا كانت الطفلة تعاني من سمنة مفرطة مهددة للحياة.
يشير بعض الأطباء إلى أن السمنة المبكرة يمكن أن تؤدي إلى أمراض مزمنة كـ السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وبالتالي التدخل الجراحي قد يكون "أقل ضررًا من ترك الحالة تتفاقم".
يصفها البعض بأنها خطوة جريئة، بشرط أن تكون قد تمت بعد تقييم دقيق من فريق طبي متخصص في جراحات السمنة للأطفال.
المعارضون:
يعتبرون أن إجراء جراحة تكميم لطفلة بهذا العمر أمر خطير جدًا، بسبب:
عدم اكتمال النمو الجسدي والنفسي.
خطر نقص التغذية أو تأثيرات سلبية على التطور الطبيعي للجسم.
وجود بدائل أخرى أكثر أمانًا، مثل العلاج السلوكي والتغذية والرياضة.
هناك من يرى أن هذه الخطوة قد تعكس ضغطًا مجتمعيًا مفرطًا حول المظهر الخارجي بدلًا من التركيز على الصحة النفسية والبدنية المتكاملة للطفل.
الجانب القانوني والأخلاقي:
لا تزال هناك تساؤلات حول من الذي وافق على إجراء العملية؟ (هل كان هناك تقييم من لجنة أخلاقيات طبية؟، وهل الطفلة كانت مدركة لما يحدث لها؟، وما هو دور الأهل؟ وهل كانت هناك ضغوط عليهم؟
بينما رأى أطباء مصريون أن اللجوء إلى التدخل الجراحي قد يحمل مخاطر على النمو الجسدي والنفسي للطفل، مطالبين بالاعتماد على بدائل علاجية أكثر أمانًا قبل التفكير في العمليات الجراحية.
وقال الدكتور أحمد عبد الرؤوف، مدير مركز الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة، للعربية.نت/الحدث.نت، إن عمليات جراحات السمنة كانت تخضع منذ عام 1991 لمعايير واضحة، كوجوب إجرائها لمن هم ما بين عمر 18 إلى 60 عامًا فقط، ولم يكن مسموحًا بها تحت عمر الـ 18.
كما أوضح أن هذا المنع يعود لعدة أسباب، أبرزها أن الطفل لم يكتمل نموه بعد، وأن التدخل الجراحي في هذه المرحلة قد يؤثر على تطوره الجسدي والهرموني، إضافة إلى أن الطفل غير مؤهل لاتخاذ قرار مصيري كهذا، فضلًا عن صعوبة التزامه بالنظام الغذائي وتناول الفيتامينات الضرورية بعد الجراحة.
وأشار عبد الرؤوف إلى أن هذه الضوابط استمر العمل بها حتى عام 2023 إلى أن عقدت أكبر جمعيتين عالميتين لجراحات السمنة، الأوروبية والأميركية، اجتماعًا تم خلاله تحديث المعايير، مضيفا أنه بحسب التعديلات الجديدة، أصبح بالإمكان النزول بسن الخضوع للجراحة لأقل من 18 عامًا، وكذلك رفع الحد الأقصى لما فوق الستين، شرط أن يكون الطفل قد بلغ سن النضج الجسدي والهرموني، مع ترك القرار النهائي لتقدير الطبيب بعد مراجعة كافة المعايير الطبية.
إلى ذلك، كشف عن تأسيس لجنة للدلالات الاسترشادية قبل نحو 6 أشهر، حيث يشغل عضويتها، موضحًا أنها معنية بوضع الخطوط العريضة والضوابط المنظمة لجراحات السمنة في مصر. وأردف أن الهدف إلزام الأطباء بالمعايير المحددة حتى لا تُترك الأمور للاجتهادات الفردية أو الأهواء الشخصية.
من جانبه، رأى الدكتور عماد عبد الله، أستاذ الجراحة العامة وجراحة المناظير بجامعة المنصورة، للعربية.نت/الحدث.نت، أن جراحات السمنة للأطفال ما زالت محل جدل علمي منذ سنوات، إذ يصعب حسمها بشكل قاطع، ويُبنى القرار على حالة كل طفل وفقًا للمعايير الطبية والأبحاث.
شروط صارمة
كما أوضح أن الأطباء كانوا يتجنبون إجراء هذه العمليات لمن هم دون 14 عامًا بسبب ضعف نسب النجاح وعدم التزام الأطفال بعد الجراحة، لكن خلال العقدين الأخيرين عاد الأطباء لإجرائها في بعض الحالات بشروط صارمة، منها تقييم الطفل من لجنة متخصصة تضم اختصاصي غدد وآخر نفسي، وتوافر دعم أسري كامل في التغذية والرياضة والمتابعة النفسية.
وأكد أن أي إخلال بهذه الشروط يستوجب تأجيل العملية، مشددًا على أن الجراحة ليست ممنوعة علميًا، لكنها تتطلب مراكز متخصصة وضوابط دقيقة. وأضاف أن بعض الحالات الطارئة مثل إصابة الطفل بالسكري أو تقوس الساقين قد تستلزم التدخل الجراحي المبكر حفاظًا على صحته.
فيما أكد الدكتور حسام حامد، استشاري جراحات الجهاز الهضمي والسمنة بجامعة المنصورة، أن السمنة المفرطة لدى الأطفال والمراهقين باتت أزمة صحية واجتماعية عالمية، تتجاوز مضاعفاتها الطبية إلى آثار نفسية واجتماعية مثل التنمر والوصم المجتمعي.
حل أخير
وأوضح للعربية.نت/الحدث.نت أن جراحات السمنة ليست خيارًا أوليًا للأطفال، بل تُستخدم كحل أخير بعد فشل الوسائل غير الجراحية من حمية غذائية ونشاط بدني ودعم نفسي. وشدد على أن جميع الجمعيات الطبية الدولية تضع شروطًا صارمة قبل اللجوء للجراحة، منها: ارتفاع مؤشر كتلة الجسم إلى 40 أو أكثر، مع وجود مضاعفات خطيرة مثل السكري أو توقف التنفس أثناء النوم، إضافة إلى وجود دعم عائلي كامل وقدرة الطفل على الالتزام بتعليمات ما بعد العملية.
وأشار حامد إلى أن الدراسات أثبتت أن الجراحة تساعد على فقدان من 25–30% من الوزن خلال عامين إلى ثلاثة، لكنها تتطلب متابعة دقيقة وتناول مكملات غذائية مدى الحياة، محذرًا من إجراء العمليات لمجرد التجميل أو دون إدراك من الطفل لطبيعتها.
وكانت نقابة الأطباء المصرية قد أصدرت، أمس الخميس، بيانا رسميا أعلنت خلاله التحقيق مع طبيب أجرى جراحة تكميم معدة لطفلة تبلغ من العمر 9 سنوات. وأكدت النقابة أنه تقرر استدعاء الطبيب للتحقيق أمام لجنة مختصة بعد غد الأحد، لبحث مدى التزامه بالمعايير والقواعد العلمية.