رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

يمثل اليوم السبت 23 أغسطس، ذكرى مهمة وخالدة فى الذاكرة الوطنية المصرية، وفى وجدان الوفديين على وجه الخصوص، علامة فارقة تختلط فيها مشاعر الحزن بالفخر، وتتعانق فيها ذكريات الفقد مع لحظات البعث، فالتاريخ شاء أن يحمل ثلاث محطات مفصلية، ارتبطت بأهم زعماء الحركة الوطنية وبمسيرة حزب الوفد العريق: ففى مثل هذا اليوم عام 1927، غيّب الموت الزعيم سعد زغلول، زعيم الأمة ومؤسس الوفد وملهم ثورة 1919، والذى مثل رحيله صدمة عميقة للمصريين الذين رأوا فيه قائدا جسد آمال التحرر الوطنى فى مواجهة الاحتلال البريطانى، وأعطى الحركة السياسية شكلها الجماهيرى الواسع... سعد باشا كان رمزا لشعب يرفض الخضوع.
وبعد نحو أربعة عقود، جاء اليوم نفسه ليحمل فاجعة أخرى، إذ رحل مصطفى النحاس باشا عام 1965، الرجل الذى وصف نفسه بأنه «تلميذ سعد»، قاد الوفد فى أصعب المراحل، وواجه الاحتلال بصلابة، وتمسك بالدستور كعنوان للشرعية السياسية، كان النحاس أحد أبرز المدافعين عن الحياة النيابية والحريات العامة، وصار اسمه مرتبطًا باتفاقية الجلاء عام 1954، وبمواقف حاسمة فى صون الهوية الوطنية.
لكن القدر أراد ألا يظل هذا التاريخ مقترنا بالفقد وحده، ففى ٢٣ أغسطس 1982، وبعد سنوات من التجميد والإقصاء، أعلن فؤاد سراج الدين باشا عودة حزب الوفد للحياة السياسية، متحديا قيود المرحلة، ومجددا عهد الحزب بجماهيره. المفارقة أن هذا الإعلان جاء بعد يوم واحد فقط من نجاته من محاولة اغتيال، وكأن اليوم كتب له أن يتحول من ذكرى رحيل الزعماء إلى مناسبة لبعث الأمل وتجديد الدماء فى عروق الحزب العريق. 
إن اجتماع هذه الأحداث الكبرى فى يوم واحد وشهر واحد بوفاة فؤاد باشا سراج الدين فى 9 أغسطس عام 2000، فلا يمكن النظر إلى هذا الامر كصدفة زمنية فحسب، بل يعكس مسارا تاريخيا متكاملا لحزب الوفد. ففى كل مرة كان الحزب يفقد زعيما، كان الشعب يستحضر مبادئه وقيمه، وفى كل مرة يواجه الحزب محنة أو إقصاء، كان يعود أكثر قوة.
واليوم، حين يحيى الوفديون ذكرى ٢٣ أغسطس، فإنهم لا يستعيدون فقط صور سعد زغلول والنحاس وسراج الدين، بل يستحضرون المعنى الأعمق: أن الحزب الذى وُلد من رحم ثورة شعبية، ووقف فى وجه الاحتلال، ودافع عن الدستور والحريات، وما زال قادرا على التفاعل مع قضايا الوطن ومواجهة تحدياته، إنها مناسبة للتأكيد على أن الوفد، رغم كل ما مر به من صعوبات، سيظل حاضرا فى الحياة السياسية المصرية، يستلهم من ماضيه دروسا للحاضر ورؤية للمستقبل.
إن رمزية ٢٣ أغسطس فى حياة الوفد هى تجسيد لفكرة الاستمرارية رغم الفقد، والانبعاث رغم المحن. لذلك، حين يطل هذا اليوم من كل عام، يتجدد السؤال: ما سر هذا القدر الذى جعل الوفد يرتبط بتاريخ واحد؟ والإجابة أن ٢٣ أغسطس لم يعد يوماً عادياً فى التقويم، بل بات شاهدا على مسيرة نضال، وإرث وطنى خالد، وذاكرة لا تنطفئ فى ضمير الأمة.
وسيظل حزب الوفد رغم كل الظروف من أعرق وأهم الأحزاب السياسية المصرية، وقدم الكثير للوطن ورمزا للحركة الوطنية المصرية.